تم النشر في الأربعاء, 2 أكتوبر 2013 , 12:38 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , الآراء والصور

فقراء في بلاد الأغنياء

أ-على بن راشد المهندي

كما تعلمون بأننا ـ ولله الحمد ـ نعيش في دول الخليج وهي من أغنى دول العالم، مما يتطلب أن ينعكس ذلك على اقتصاد بلداننا وازدهارها ونموها وتطورها ومواكبة العصر ومتطلباته، مع تذكيرنا الدائم بالحفاظ على هويتنا الإسلامية المستمدة من كتاب الله سبحانه، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتمسك بالعقيدة، وكذلك المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا العريقة التي تتوافق مع ديننا الإسلامي الحنيف.

* ولكن الذي نستغربه وجود الفقراء والمحتاجين في بلداننا من اليتامى والأرامل وكبار السن، ومن أصحاب الديون المهددون بالسجون من رجالٍ ونساء، وهناك حالات لا يعلم بها إلا الله سبحانه من الأُسَر المتعففة الذين لا يظهر على حالهم بأنهم في عوز، وذلك بسبب ستر الله عليهم وعلى مأساتهم ومعاناتهم.

* في عصر عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه والذي حكم الأمة في عامين ونصف العام فقط!! تم جمع الزكاة وأراد أن يوزعها فلم يجد فقيراً واحداً في أنحاء الأمة، وكان عمر يحكم الأمة الإسلامية ومع ذلك جمع الزكاة فلم يجد مسكيناً واحداً يأخذ الزكاة.. لماذا لم يجد عمر رضى الله عنه فقيراً في دولته؟!! إنه العدل والإحسان وترسيخ قيم الحق ودفع الظلم، وإحقاق الحق ودفع الظلم هو أصل من أصول الشريعة، ومقصد رئيسي من مقاصدها قال تعالى: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” (الحديد: من الآية 25).. يقول ابن القيم: فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة، ولقد كان عمر يرجع للحق إذا تبيَّن له الخطأ.

* يجب أن نعلم جميعاً أن المسؤولية تقع عاتق جميع الوزارات؛ ومنها وزارة الشؤون الاجتماعية التي هي جزء لا يتجزأ من منظومة الدولة، ولكن ما أقصده هنا هو تضافر جهود جميع الوزارات، وتكثيف الجهود والعمل على تنمية المجتمع وأفراده بالمحافظة على معدل التوازن الاجتماعي بين أفراده، والعمل على إيجاد فرص تنمي دخل تلك الأسر بحيث تكون الأسرة منتجة فعالة في المجتمع، وبشكل يكفل الكرامة وحفظ ماء الوجه، وتحويل الشخص  من شخص يطلب المساعدة إلى شخص تنموي يسهم ويساعد في تطوير نفسه وأسرته ووطنه وأمته.

* نجد أن كثيراً من أفراد المجتمع يقع فريسة لوحشية البنوك التي تتفنن في إغراء أفراد المجتمع في الدخول إلى نفق مظلم له أول وليس له آخر؛ من المتاهات والضياع والتشرد والفوائد الربوية والمتراكمة والتي تسببت في حالات تصدع أسرية مثل الطلاق، ومشاكل لم تكن موجودة في مجتمعاتنا المحافظة “نسأل الله السلامة والعافية”.. أين دور المصرف المركزي في عمل التوازن ورسم الخطط ووضع الآليات العملية والواقعية، لتجنب وقوع أفراد المجتمع بين مطرقة البنوك وسندان الديون وتهديد السجون؟.

* مؤسساتنا الخيرية والإنسانية كثيرة وكبيرة، ولها جهود طيبة ولكن يغيب عنها جانب التنسيق المباشر والفعال وبشكل متكامل، ولا نريد من كل مؤسسة أن تعمل وكأنها “دولة في دولة” ونرجو من مؤسساتنا أن تتنافس وتتكامل في العمل الإنساني في الداخل أولاً، لأن الأقربين أولى بالمعروف، وكذلك نريد عمل توازن في سياسة المساعدات والإغاثات في الخارج بشكل عملي وجوهري، والابتعاد عن الطنطنة الإعلامية الزائدة التي قد لا تؤدي إلى الهدف المنشود من إنشاء تلك المؤسسات، كما نرجو التعامل مع الفقراء والمحتاجين، وتسهيل إجراءاتهم بما يحفظ لهم كرامتهم.

* هذه الشركات قامت وترعرعت بفضل الله ثم دعم الدولة، وكذلك أفراد المجتمع الذين هم القوة الشرائية لتلك الشركات، والمطلوب من تلك الشركات المساهمة المباشرة وغير المباشرة في النهوض باقتصاد الأسرة، ودعمها بالتعاون مع الوزارات ذات الاختصاص.

* نسمع كثيراً عن جهود مبذولة في مكافحة ارتفاع الأسعار، وتم إنشاء لجان وإدارات وأقسام،  ولكن مازال ارتفاع الأسعار تتحكم فيه الشركات وبما تراه يصب في مصلحتها، وبالطبع فإن هذا يؤثر سلباً على المجتمع وأفراده ويتنافى مع القوانين واللوائح التي وضعتها الدولة لحماية “المستهلك”.

* أيها الأغنياء والتجار اعلموا أن هذا المال الذي عندكم قد آتاكم الله إياه، وأنتم مستخلفون فيه، وأنه مال الله، حاسبوا أنفسكم على هذا المال لأنكم مسؤولون عنه يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، ومنها “وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه”. أخرجوا زكاتكم وتصدقوا وتجنبوا الربا وتجاوزوا عن المعسر.

* عليكم باللجوء إلى الله والإلحاح في دعائه سبحانه، ولا تلحوا بالطلب من البشر لأنهم ضعفاء مثلكم ورازقكم ورازقهم واحد هو الرزاق عز وجل، وعليكم بالبحث عن تنمية أنفسكم ومن تعولون، بالبحث عن الحلال والعمل المناسب قدر المستطاع، وعليكم بالتوكل على الله ثم الأخذ بأسباب الرزق، وعدم التواكل وانتظار عطايا البشر.

دعاء

اللهم آمِنَّا في أوطاننا.. واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، وارحم ضعيفنا، وأغنِ فقيرنا وأطعم جائعنا، واشفِ مريضنا، وارحم ميِّتَنا، وداوِ جريحنا وعافِ مبتلانا، وانصر الإسلام وأعز المسلمين.

دمتم في رعاية الله.

———————–

عن الشرق القطرية

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

مهرجانات

سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم “نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً”

المواطن اليوم اطلع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء ، في مقر المحافظة اليوم ” […]

  • فبراير 2025
    س د ن ث أرب خ ج
    1234567
    891011121314
    15161718192021
    22232425262728
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com