تم النشر في الأحد, 21 يوليو 2019 , 01:33 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , مقالات

الحلقة الثالثة والثلاثون من رواية( عين الحريم ) للاستاذ أحمد المغلوث

المؤلف  صوره من تصوير المصور سالم . /

الحلقة الثالثة والثلاثون :

بعد العودة من الصلاة واصل العمل وتقدم المساء وهو مازال يعمل بجد  اراد ان ينتهي الليله من اللوحة الاولى . مازال في المجلس . حتى بعد صلاة العشاء واصل التحبير . كانت قد مضت عليه ساعات وهو في عمله احضرت له والدته العشاء  وكادت تصرخ مندهشة فيما فعله في ” المجلس ” فلقد تحول الى ورشة عمل اشياء مختلفه متناثرة . علب الاصباغ والفرش امامه ومن حوله . ورائحة الصبغ تفوح من المكان . وضعت والدته صينية الطعام وقالت له . تناول  عشاك قبل ان يبرد  ثم توجهت لفتح النافذة. ووجدتها مفتوحة اما الستارة الشفافة فمسدلة فهزت راسها  زين ” سويت ” واضافت رائحة المجلس خانقة وودعته داعية له . كانت الاضاءة حوله  مشرقة فلقد وضع الى جانبه  ” لمبة ” القراءة والتي احضرها من مرسمه  رغبة في مزيد من النور وهو يعمل . احس براحة من كلمات والدته ..دائما دعاء الام يمنح الابناء الكثير من الشعور بالسلام والسكينة  وحتى الطاقة على العمل والفعل .رائحة  “الصبغ ”  المستمره وقرب أنفه من اللوحة جعلته يشعر بأن شيء في أنفه . وعلى الرغم من انه تعود على هذه الرائحة منذ كان في المرحلة الابتدائية  . الا ان  القرب منها  لم يكن بهذه الصورة فالدهان كما قرأ مره في احد المجلات . فرائحته قوية  نتيجة لكونه يشتمل عل العديد من المواد والمركبات الكيماوية والتي لاشك ان لها سلبياتها . ومع انه قام بتهوية ” المجلس ” وفتحه للنافذة الا ان الرائحة اشعرته بالرغبة للعطاس . ومن حسن حظه ان المروحة السقفية كان لها دور كبير في التخفيف من حدة الرائحة . إضافة الى انه قد تعود عليها .. ابتسم في اعماقه عندما اوشك على الانتهاء من تحبير اللوحه . وما بقى عليه الا ان يقوم باعادة كتابة العبارات من جديد مع التركيز على : تنقية ” الحروف من الصبغ ” الدهان ” الزائد الذي خرج عن حدود الحروف خلال عملية التحبير ..فلابد ان تكون اللوحه متكاملة ولاشيء يعيبها  بمشيئة الله ..  بعد ان انهى هذه العملية وقف وهو يضع يده خلف ظهره ويتحسسه فبدأ يشعر بالم  بسيط وراح يرسل نظراته الفاحصة للوحة الممدة على الصحف القديمة  . وردد بينه وبين نفسه الحمد لله ..  لم يتبقى الا رسم شعار الشركة   وكان قد ترك مساحة 35×35سم في اعلى الزاوية اليمنى للوحه ليرسمه فيها .. سمع وقع خطوات قادمه . والتفت وراءه فاذا هي شقيقته ام محمد . وراحت تقول : ماشاء الله تبارك الله  . الله يعطيك العافيه  . ثم ناولته  كأس من اللبن . وقالت :. الذي يعمل لابد ماينسى نفسه من الأكل . ثم اضافت  : ترى اللبن فيه ” الدباق ” الذي تحبه . ثم اسرع وقبل رأسها .. وهو يقول خدمك المال والبنون . الله يطول في عمرك .. أومأت براسها شاكرة ثم دارت وخرجت من المجلس . فيما هو يشرب اللبن وهويحدق في اللوحة ..

الايام تركض سريعة الخطى والناس في كل مكان يمارسون حياتهم  الطبيعية بما كتب الله لهم . هناك من يعيش لحظات اليوم وساعاته في سعادة وحبور وهناك من يعيشها حزينا متألما . وصاحبنا قد انهى خلال الايام المهمة التي كلف بها ” اتفاقية العمل ”  نعم لقد مضت 8 ايام وهو يعمل لانجاز ذلك لكنه كان سعيدا بعمله بل بانجازه الكبير .  ورغم ذلك فلقد شعر بشيء مؤلم ليس في ظهره فحسب . وإنما  في منطقة حساسة  لقد خرج منه دم من فتحة (… )إضافة الى حكه وعدم الراحة في الجلوس او حتى الحركة  .. كان ايامها ومازال من عشاق القراءة   . ذهب الى رفوف مكتبته الصغيرة وبحث عن مجلة ( طبيبك ) والتي كانت في ذلك الزمن من اشهر المجلات  في العالم العربي وكانت تنشر ايضا مع ماتنشر ركن للتعارف والمراسلة . وكانت تتميز بصفحات توعية وارشادية لمختلف جوانب حياة الانسان المرضية  . فراح يبحث عن إجابة لمثل مايعانيه من اعراض . وإذا به يجد احد الاطباء ينصح باستعمال  أقراص ( فارموئيد ) الالمانية .لمن يعاتي من نفس الاعراض . فلم يصدق خبر فسرعان ماتوجه الى مدينة الهفوف . وفي شارع البلدية كانت تقع صيدلية كان صاحبها رجل فاضل  أسمه ” عبدالله ” فعرض عليه اسم الدواء .وقال له صاحبها  باسما  : سلامتك  أنت ثالث واحد يشتري هذا الدواء بدون وصفه  .. هذا الاسبوع  .. فكاد يقول له . اكيد طالعوا نصيحة طبيب المجله .. عبر صاحبنا شارع البلديه تدفعه رغبة لتناول الدواء وواصل السير في شارع القيصرية  وبعد توقف في مكتبة الملا المقابلة للقيصرية . وإستلام المجلات والصحف التي يتم حجزها له اسبوعيا واصل السير  وقبل دوار الخميس  كان هناك مكتب لتخليص الجوازات لابن خالته المقيم بالدمام  . وكان قد كلفه ابوفهد ان يتفقد المكتب بين فترة واخرى  كلما اتيحت له الظروف . كنوع من المتابعة . والتأكد من وجود من يعمل فيه ..قال في نفسه فرصه ازور المكتب  واريح  واتناول الدواء حسب التعليمات  . كان يدير المكتب موظفان من الجالية اليمنية احدهما مديرا للمكتب والآخر مراسل .. استقبلاه بترحاب وود . ثم جلس على احد المقاعد ووضع حزمة المجلات والصحف على المكتب وراح يلتقط انفاسه . فحمل ” الحزمة ” من المكتبه الى هذا المكتب فيه شيء من الجهد وحتى التعب .. كان قبل ان يدخل المكتب قد قام بفتح علبة الدواء واخذ منها  “قرص” وضعه في جيب ثوبه العلوي .. وخلال احتساء الشاي  مد يده لجيبه وتناول ” القرص ” وكان لونه برتقالي وشكله دائري . قرص لن ينساه ابدا .. !  فسأله مدير المكنب ” على ”  خير عسى ماشر .؟ فرد عليه اطمئن خير ولله الحمد هذا قرص فيتامين . مثل مايقولون مقوي .ثم تبادلا نظرة سريعة  ونظرات اخرى من المراسل . ثم قال علي : اذا كان الامر كما تقول . فلاحاجة لك للفيتامينات ولا المقويات . عليك بتناول “الحلبه ” كل يوم . الحلبه تخليك مثل الحصان  .. !  اشكرك على كل حال .. وقبل ان يكمل كلامه  دخل رجل  . القى السلام والتحية بلهجة يمانية واضحة  . فراح  على يعرفها ببعض  هذا ” سالم ” من جماعتنا . وإذا به يشير الى ان صاحبنا ” رسام ” أنه ابن خالة ” معزبنا ” بوفهد فرفع اليه عينيه وطرح عليه عدة تساؤلات هل باستطاعته رسم  خلفيات ديكوريه لاستدوديو تصوير ؟ فا أجابه بنعم بل وحتى الكتابه  والخط بالحروف البارزة   بالخشب  ..وبمنشار  “الاركت ” .. عندها طلب  منه صاحب الاستوديو  مرافقته لمشاهدة المحل ( الاستوديو) وكان في الجهة المقابلة للمكتب  تحت فندق ” الروضه ” لب صاحبنا دعوته ورافقه للمحل . بل انه حمل   معه حزمة مجلاته وصحفه . وعبرا الشارع وكانت السيارات ايامها لاتشكل خطرا كما هو الحال في هذا الزمن .بعد جوله داخل ” المحل ” اتفق معه على ان يقوم ببتلبيس  الجدران بلوحات خشبب  وان يقوم بتأسيسها باللون الابيض  .. على ان يبدأ العمل بعد اسبوع .. وسوف يحضر في نفس الوقت من نفس اليوم الاربعاء لكتابة الاتفاقية وتسلم ” العربون ” واقترح عليه ان يطلق على الاستوديو اسم ( المصور سالم )  فالاسم له وقعه الحسن  في الاذن . وهذا ماحصل بعد ذلك . ويوم الاتفاقيه التقط له هذه الصوره في ستوديو ” الزهره ” المجاور لمكتب عمه   / تابع غدا 

 

 

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

أهم الأخبار

معرض دار نوره الموسمي السنوي للفنون

                                        […]

  • نوفمبر 2024
    س د ن ث أرب خ ج
     1
    2345678
    9101112131415
    16171819202122
    23242526272829
    30  
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com