تم النشر في الأربعاء, 3 يوليو 2019 , 07:56 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , مقالات
على ضفاف العين
بعد أيام .. كانوا في عين أم سبعة.. مضت سنوات على زيارته لهذه العين ..آخر مره كانت قبل ثلاث سنوات قبل يوم العيد.. والعين بأنهرها الصغيرة السبعة تشكل لوحة أبدعها الخالق..المياه المتدفقة بقوة تنساب في انهرها حاملة الحياة لمساحات كبيرة في المنطقة.. وعلى جانب هذه الأنهر تنتشر الحقول والبساتين وأشجار الفواكه المختلفة مثل الليمون والخوخ والرمان والتين..حول العين انتشرت مخيمات الباحثين عن المتعة والاستجمام وقضاء أوقات طيبة في هذه العين الشهيرة .. وهنا تحتفل بعض الآسر باستحمام عرسانهم الجدد حيث يتولى الرجال من معارفهم بغسيلهم والعناية بهم وسط متابعة واهتمام أبناء الأسرة والأصدقاء ونفس الشيء يحدث للعرائس حيث تستأجر الأسر غرفا خاصة للاحتفال ( بيوم الغسول ) ومنذ ساعات الصباح الأولى .. ففي هذه الغرف التي كانت يجري من تحتها نهرا من الماء القادم مباشرة من العين وبعرض 3م .. كانت نساء الأسرة يقمن بالعناية بالعروس .. من تدليك وتنظيف .. وتمشيط وسط ضحكات ومداعبات صويحباتها وقريباتها .. وكل غرفة كانت تشتمل على ساحة فضاء وغرفة كبيرة غير الغرفة التي يجري بداخلها نهر الماء والذي يعتبر (حمام النساء ) عندما كبر صاحبنا حرم عليه دخول حمام الحريم مثله مثل غيره من الأولاد .. لكنه يذكر جيدا بعض المشاهد التي مازالت في ذاكرته ففي الساحة الفضاء والتي هي أشبه ما تكون ( بالحوي ) البهو توزعت مجموعة من النساء بعضهن انشغلن في إعداد ملابس العروس وما سوف ترتديه بعد الحمام ..وبعضهن راح يجهز عطورها وما سوف تحمله معها من أشياء مهمة لليلة فرحها .. كانت ساحة الحمام وغرفة الاستراحة تضج بالحركة والنشاط وصدى ضحكات وتعليقات النساء والفتيات وهن يقمن بأعمالهن ومسئولياتهن الموزعة عليهن للاحتفاء بالعروس.. وكانت العروس صغيرة جدا .. يكاد يسمع دقات قلبها وهي تهتز بين يدي سيدتين أخذتا في نقش ألحنا في يديها ورجليها وهي مسترخية على ظهرها متكئة على وسادة كبيره ..لقد وقف أمام منظر العروس الصغيرة مدهوشا وحائرا في تفسير العديد من الأشياء التي كان يجهلها .. ماذا يعني العرس .. ولماذا هذه العروس تبكي .. مع أن السيدات والفتيات حولها يتضاحكن بصورة فيها معان ودلالات لم يعيها عقله الطفولي .. حاول أن يجد جوابا على أسئلته العديدة.. بكاء العروس.. وضحكات الفتيات.. وهمسات النسوة بعضهن مع بعض ..وكلما زادت حيرته في بحثه عن أجوبة شافية لأسئلته ..كلما اشتعلت رغبته في البحث عن الأجوبة ..!!
تحت ظلال النخيل مدت قطع السجاد ووزعت عليها سفر الطعام الخوصية أكثر من أسرة تحتفل بزواج أبنائها .. أسر ثرية واسر متوسطة يجمعهم المكان .. الجميع يحتفلون على طريقتهم الخاصة وحسب إمكاناتهم .. هناك من أحضر فرقا خاصة بالعرضة وعلى إيقاع الدفوف والطبول وترديد أبيات شعرية معروفة يحتفل الجميع بالعريس وبعدها يتناول أهل العريس وأهل العروس والأصدقاء والمعارف وجبة الطعام .. وهناك من يحضر بعض المطربين الشعبيين والعازفين الذين راحوا يغنون أغانيهم الخاصة أو أغاني المطربين المشهورين في الخليج كمحمد فارس.. أو عبد اللطيف الكويتي ..أو محمد زويد .. وعادة تشهد مثل هذه الأغاني حضورا كبيرا خاصة من فئة الشباب والأولاد.. بل أن البعض من أهل المعرس المحافظين كانوا يتذمرون من ظاهرة وجود أمثال هؤلاء المطربين إلى جوار احتفاليتهم بعريسهم ويطلبوا منهم أن يبتعدوا مع مطربيهم إلى مكان أخر ..!! هذه المشاهد عادة ما تتكر خلال أشهر الصيف وبالتحديد يوم الخميس فهذا اليوم .. اعتاد فيه أبناء مدينته أن يكون اليوم المفضل للاحتفال بمناسبة زواجاتهم أو أفراحهم المختلفة ..!!
ظاهرة اجتماعية
ومنذ الصباح يتدفق الناس إلى عين أم سبعة الشهيرة.. بعضهم يأتي مبكرا سيرا على الأقدام وهناك من يحضر راكبا في سيارة أو باص خشبي أو حتى العربات ( القواري ) أو أي وسيلة نقل متاحة .. المهم أن الحشود يكثر تدفقها قبل صلاة الظهر حتى يحظى البعض باللحاق على الولائم التي تقام بمناسبة الزواج .. ولأيهم أن تكون مدعوا لمشاركة أهل المعرس فرحتهم لأن موائد ( سفر) الطعام توزع على الجميع في ظاهرة اجتماعية تجسد ما يتسم به أهل مدينته من كرم.. وتقدير للآخرين..ورغم تسابق الناس وتكالبهم على احتلال مواقع قريبة من سفر الطعام .. فان بعض أهالي العرسان يقومون بذبح أكثر من بقرة أو قعود ( جمل صغير ) أو العديد من الخرفان حتى يتاح للجميع تناول الطعام .. ولا عجب أن تشاهد اختلاط ألمدعوين لهذا العرس بالمدعوين لعرس أخر أو ثالث أو رابع .. فالساحات الرملية بجوار العين كانت تنتشر فيها موائد الطعام المختلفة .. في احتفالية اجتماعية كبرى ..!!
نجح بعد جهد في أن يدس جسمه النحيف بين الأجساد المتلاصقة التي تشاهد العرضة .. والد المعرس ووالد العروس والمعرس الشاب كانوا يرقصون رقصة الحرب حاملين سيوفهم الذهبية ومتمنطقين بأحزمة مزخرفة بها خناجر من الذهب.. وأهل المعرس والعروس اصطفوا بملابسهم البيضاء وقد تشابكت أياديهم وهم يرقصون ويرددون أبيات الشعر الغنائي الذي يلقنهم إياه عريف ( العرضة ) على إيقاعات الطبول والدفوف
كان الجميع يرقص وهناك من تنتقل له عدوى الحماس فينتفض ليتوسط ساحة العرضة راقصا بالسيف أو العصا .. ونشوة الفرح والسعادة والفخر تسري داخل نفسه ..!! العرضة هي رقصة الحرب التقليدية والتراثية التي توارثها الإباء عن الأجداد في مدينته بل في مختلف مدن وطنه الكبير .. !!
لكزه أحد أصابه الفتيان وقال له تعال طالع ناس يرقصون غير؟؟
تعجب هل هناك رقص آخر يختلف عن رقص العرضة الذي يشاهده الآن ..! أجابه صاحبه باسما نعم هناك خلف أشجار النخيل.. فرقة شعبية تعزف على العود والكمان وأولاد ( يزفنون ) يرقصون بهز أوساطهم ومؤخراتهم ..دهش وهو يسمع كلماته .. تحرك في داخله حب الاستكشاف والمشاهدة.. لم يتردد ترك مكانه ورافق صاحبه في الذهاب إلى خلف أشجار النخيل..وما هي إلا لحظات حتى اقترب من صوت احد المطربين الشعبيين والذي كان جالسا على الأرض وهو يحتضن آلة العود وبجواره مجموعة من العازفين على آلة الكمان والطبالين على طبلة الإيقاع .. وحولهم تحلق المئات من الشباب والأولاد وحتى الرجال وفي وسط الحلقة المفروشة بقطع من البسط الملونة بخطوط حمراء وزرقاء وصفراء.. راح ثلاثة رجال يرقصون بصورة مثيرة ومقززة .. بحركات فيها تثني وغنج مع إبراز مؤخرتهم بصورة كريهة .. وبين لحظة وأخرى يتقدم احد المشاهدين لينثر عليهم مجموعة من النقود الورقية .. ويتواصل الغناء والعزف والإيقاع وتصفيق حماسي من مجموعة كبيرة من المتفرجين .. قال احد المتفرجين والذي يقف إلى جواره هامسا لأحدهم بعد أن نفث دخان سيجارته بحرارة في الهواء.. : أموت في الوسطي .. طالع ( كيف يدوحها ) وفجأة خرج من مكانه ليرمي بمجموعة من النقود على رأس الراقص الذي (يموت فيه ) وفي عيني الرجل رغبة شاذة تجاه ( الرجل الراقص ) تجسدت في (ريقه ) التي بدأ يحاول ابتلاعه أكثر من مره ؟؟ .. شعر بالضيق وهو يسمع ويشاهد هذا الرقص الرجالي الغير مقبول.. رغم أنه في داخله أعجب كثيرا بالمطرب الشعبي وأسلوبه البسيط في الغناء رغم الإيماءات والغمزات والإيحاءات في بعض كلمات أغانيه المشبعة بالجنس ..حد الابتذال ..!! شعر بالضيق أكثر ..أ حس برغبة في التقيؤ.!!
رقص البنات
قال له صاحبه: الم يعجبك الطرب والرقص الشعبي ؟!
أجابه باستياء أعجبني العزف والغناء مع التحفظ على بعض كلمات الأغاني أما الرقص .. فلا ..لا .. قد يكون مقبولا أن تفعل ذلك النساء.. أما الرجال والأولاد .. فبصراحة هذا عمل غير مقبول .. وأنا لا أحبه !!
قاطعه صاحبه .. أصلا ما رقص الرجال إلا لعدم وجود نساء يقمن بنفس المهمة .. !!
قال له في غضب ..أنا لا أقصد رقص النساء بين الرجال.. لكن في تصوري أن الرقص بهذه الصورة من الغنج والتثني وهز الوسط لا يصلح إلا للنساء والفتيات.. أتفهم ذلك ..!! نعم افهم ذلك قالها صاحبه معلقا على مقولته.. ثم أضاف .. طيب أيش رأيك لو خليتك تشوف حريم وبنات يرقصون ..نظر إليه مذهولا وهو يمسك بكتفه .. أحقيقة ما تقول ؟
حقيقة ما أقول لكن المشاهدة تحتاج خطة جهنمية.. وإذا كان عندك استعدادا
ننفذها معا مهما تكون الظروف… موافق.. أجابه وهو في شوق للمغامرة والاهم مشاهدة النساء وهم يرقصون..!!
تبادلا نظرة طويلة .. عبرت في عيني صاحبنا عن الإصرار والرغبة وحب الاستكشاف والمشاهدة.. وفي عيني صاحبه سعادة واستعداد وخبث ..؟!
ثم واصل مستفسرا من صاحبة حيثيات الخطة التي سوف تتيح لهم مشاهدة رقص النساء ..!!أجابه صاحبه واثقا أنت تعرف أن أحدى بنات خالتي زواجها اليوم وجميع نساء الأسرة سوف يحتفلون بالعروس بعد الانتهاء من حمام العرس..وهم الآن موجودين في الاستراحة التي أستا جروها (استراحة رقم 9 ).. ولا تبعد عن استراحتكم إلا بكم استراحة.. المطلوب وقت الغداء تروح للطباخين وتقول لهم يعطونك صحن غدا إضافي للحريم.. علشان ضيوف جدد من أهل العروس حضروا للاستراحة .. وأكيد الطباخين جاهزين .. وعندما يعطونك الصحن الكبير .. نقوم بتوصيله لاستراحة خالتي .. ونخبرها أن الصحن هديه من استراحتكم .. وبهذا يسمحون لك بالدخول وأنت تحمل الصحن .. وعندما نكون بالداخل أطلب من خالتي تسمح لنا أن نسبح داخل الحمام .. وإذا سألتني لماذا لا تسبح في عين الرجال .. أقول لها إننا نخاف نسبح هناك لأنها عميقة .. وطبيعي أنها سوف توافق بالتأكيد .. !! وبعد الغداء سوف تحتفل الحريم بالعروس ويقمن بالغناء والرقص وتشوف ساعتها إلي عمرك ما شفته من رقص الحريم والبنات.. فاهم ألخطه.. أجابه بدهشة فاهم ..اتفقنا .. اتفقنا .. ؟!
يجب أن يسرع للطباخ قبل أن ينتهي من توزيع صحون الطعام .. السلام عليكم قالها للطباخ وأخبره أ ن الحريم يطلبون صحنا إضافيا ويقولون لك توصى باللحم من اجل ضيوف جدد حضروا للتو !! قال الطباخ مبتسما يأمرون ويتدللون.. الحمد لله الخير كثير وأضاف مبتسما ما عندنا أغلى من الحريم.. هم الخير والبركة !!..وضع الطباخ فخذ ويد وجزء من الكتف مع قطعة من الكبد على صحن الأرز الكبير.. ورش بكفه الممتلئة كمية من السمن البري على اللحم والأرز .. وأحسن توزيع المكسرات على مختلف أنحاء الصحن .. مع أنصاف من الليمون الأخضر الذي اشتهرت به مدينته
والتفت إليه الطباخ: أليس الصحن ثقيل عليك يا ولدي .. أجابه لا أبدا دائما أحمل مثله في بيت خالي وفي بيتنا أحيانا.. !! حمل الطباخ الصحن وغطاه بصحن آخر ووضعهما على رأسه .. ورمقه عن بعد صاحبه الذي كان ينتظره في زاوية بجوار حائط استراحات النساء..أحس بحرارة الصحن الحار على رأسه .. تذكر قدر الطبخة الحار .. كاد يتهاوى على الأرض من ثق الصحن .. تحامل على نفسه وإذا بصاحبه يسرع إليه وينقذه من هذه الورطة التي لاشك أنه السبب فيها.. تعاونا معا في حمل الصحن وتوجها به إلى الاستراحة المنشودة .. ثمة أطفال وفتيات صغار يلعبون خارج باب الاستراحة الخشبي والذي كتب عليه بخط رديء رقم 9 .. قفزت فتاة صغيرة نابهة لفتح الباب لهما .. شكراها كثيرا .. وصاح صاحبه خالتي خالتي.. وجاءت خالته متلفعة بثوب سماوي وضعت أطرافه على رأسها وساحة الاستراحة ورواقها الكبير تضج بالنساء والفتيات .. وتعالت الزغاريد من النساء والفتيات وهم يتناولن منهما الصحن الكبير .. كانت خالة صاحبه طويلة القامة وجهها قمحي في انفها الكبير ( خزامة ) ذهبية فيها فص صغير أخضر ..ووجهها بعيد جدا عن الجمال .. إنها تشبه وجه أحد رجال العسس في سوق مدينته نفس طول الوجه والأنف الضخم ..وحتى التجاعيد التي ترسم خطوطا واضحة تحت عينيها .. أشاح بوجهه عن النظر إليها والتفت ناظرا إلى وجوه النساء والفتيات .. وهو يقف مستندا على جدار الرواق .. يتابع حركة النساء وهنّ يستعّدن للطعام .. نداءات متكررة من خالة صاحبه لدعوة النساء والفتيات لتناول الطعام المنقول لهم من استراحة الأجاويد .. إضافة إلى الطعام الذي أعدته النساء في استراحتهم .. توزعت النساء والفتيات حول صحون الطعام .. وأشار إلي صاحبه أن يذهبا للأكل مع الرجال ويعودان بعد ذلك ..وافقه على فكرته .. وانطلقا خارجين من الاستراحة … جلس وصاحبه ومعهم ثلاثة آخرين حول صحن أرز به قطعة كبيرة من اللحم..ومن مكان ما بجوارهم تصل أنغام عذبة لعزف منفرد على العود.. راحا يأكل وهو يفكر في المشاهد التي سوف يشاهدها في الاستراحة رقم 9 .. فأكل بشهية ..
– قال صاحبة الطبخة جيده ..
– نعم كانت طبخة موفقة ليس كل الطباخين يجيدون الطبخ عندما تكون الكميات كبيرة مثل الأعراس ..
– يلزمنا للعودة أن نحمل للحريم بعض البطيخ والرطب فسوف تسر خالتي بهم ..!!
– أجابه عقلك يفكر بصورة جيدة.. إذن دعنا نعود للطباخ ونطلب منه البطيخ والرطب.. لم يتأخر الطباخ فأمر مساعده بتسليمهم ثلاثة بطيخات وقفة بها كمية من الرطب.. !!
– قال لا تسرع أمامنا وقت .. فعادة النساء يتأخرن في الأكل .. إنهم يتحدثون كثيرا وهم يأكلون .. كذلك لا تنسى أنهم بحاجة لبعض الوقت لإعداد جلسة الفرح .. والاستمتاع بالعروس وإسعادها مع صويحباتها قبل عودتها إلى المدينة .. !! / يتبع غدا
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليق على الخبرالمواطن اليوم اطلع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء ، في مقر المحافظة اليوم ” […]
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
س | د | ن | ث | أرب | خ | ج |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
اترك تعليقاً