يستمر مسلسل “سرقات رواتب موظفي وزارة التربية”  العراقية بجميع مديرياتها، في ظل تغاضي الجهات التنفيذية والتشريعية والأمنية عن وضع حد لتكرار مثل هذه السرقات الممنهجة التي تطال عددا كبيرا من مدارس العاصمة بغداد وبالسيناريو نفسه من دون اتخاذ إجراء من شأنه حماية رواتب المعلمين والموظفين على حد سواء.وكانت آخر هذه العمليات ما شهدته مدرسة الفاتح الابتدائية للبنين التي تقع في منطقة حي اور ضمن قاطع تربية الرصافة الثانية،  بعد ان سبقتها عمليات مماثلة في مدينة الصدر والشعب ومدارس أخرى في جانب الكرخ، فضلا عن اطراف بغداد خلال الفترة الماضية.وتتم السرقة بالخطوات نفسها التي يتبعها اللصوص في كل مرة، اذ تتمثل بأن تقلهم سيارات أجرة “لا تحمل لوحات تسجيل”، يقودها شخص وبرفقته أربعة أو خمسة أشخاص مسلحون يقومون بتهديد واجبار الموظفين المسؤولين عن جلب الرواتب بعد رصدهم منذ خروجهم من المصرف لحين وصولهم الى اقرب نقطة للمدرسة؛ وهنا تتم العملية بهدوء تام في ظل غياب الحماية المطلوبة للموظفين.وتكون الضحية الوحيدة في هذا المسلسل هم الموظفين، إذ لا تقوم وزاراتهم بتعويضهم عن الخسارة التي تمثل قوتهم وقوت عائلاتهم، وتكتفي الوزارات المعنية بتبادل اللوم والاتهامات من دون اتخاذ أي اجراء لتعويضهم أو للحد من هذه العمليات المتكررة في اقل تقدير.وزارة التربية بينت، على لسان المفتش العام مظفر ياسين ان “قضية سرقة رواتب العاملين في المدارس وتعويضهم ليست من صلاحيات الوزارة، انما تقع ضمن صلاحيات وزارة المالية كونها الجهة المعنية بهذا الجانب ومتعلقاته المالية”، موضحا أن “الوزارة تسعى لتطبيق نظام البطاقة الذكية في عملية توزيع رواتب ملاكاتها التربوية والتدريسية، وقد فاتحت الجهات والشركات المعنية بهذا الشأن للحد من تكرار عمليات السطو على الرواتب”. ويضيف ياسين في حديث لـصخيفة “الصباح الجديد”، ان “وزارة التربية ومكتب المفتش العام لا يملكون احصائية بعدد السرقات  التي تعرضت لها المدارس الحكومية خلال السنوات العشر الماضية”، عازياً سبب ذلك الى أن “الموضوع لا يتعلق بوزارة التربية، انما بعدة جهات منها وزارة المالية وجهات أخرى أمنية، وهذه الجهات تتولى العمليات التحقيقية وتعويض الرواتب المسروقة”. ويتابع المفتش العام أن “وزارة الداخلية تتولى عملية التحقيق بما يخص الجانب الجنائي، أما وزارة التربية فتتولى عملية التحقيق في الجانب الاداري، اذ يتم البحث واتخاذ الاجراءات بشكل مباشر في حال ثبت وجود تقصير من قبل الموظفين العاملين في المدرسة التي تعرضت للسرقة”. في المقابل أوضحت عضو لجنة التربية والتعليم النيابية نسرين انور رشيد ان “البطاقة الذكية هي الحل الامثل لضمان حقوق العاملين في المدارس، في ظل تكرار عمليات السرقة المنظمة لرواتب منتسبي وزارة التربية”.وأضافت رشيد، في تصريح لـلصحيفة ، انه “من الناحية القانونية لا تعدّ وزارة التربية مسؤولة عن  تعويض المتضررين من عمليات السرقة، كونها لا تمتلك المبالغ الكافية لتغطية مثل تلك الحوادث، وهي ملزمة بميزانية محددة”، مشيرة إلى أن “لجنة التربية النيابية ستقوم بطرح ومناقشة موضوع اعتماد البطاقة الذكية، فضلا عن بحث السبل والحلول الأمنية والتربوية الكفيلة بالحد او القضاء على هذه الظاهرة السلبية”.من جانبها اكدت عضو اللجنة المالية النابية نجيب يجب ان “عمليات سرقة الرواتب، بحسب رأيي الشخصي، لا تتم من دون وجود من يتواطأ مع تلك العصابات، لذا يجب ان يكون التحقيق في هذه العمليات بمستوى اكثر جدية وفعالية، خصوصاً أن اغلب تلك السرقات قُيدت ضد مجهول”.ولفتت نجيب، ، إلى ان “البطاقة الذكية هي الحل الافضل”، مطالبة في الوقت ذاته الجهة المعنية بـ”تقديم طلب للجنة المالية في البرلمان لدراسة الموضوع ومناقشته، كون هذه التجربة نجحت بشكل كبير مع شريحة شبكة الحماية الاجتماعية، وتعدّ أكثر ضمانا وأمانا في ظل تكرار عمليات السطو المسلح وعجز الجهات الامنية عن حماية رواتب الملاكات التربوية والتدريسية”.