تم النشر في الأربعاء, 20 نوفمبر 2013 , 11:20 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , ثقافة وفنون , من الأرشيف
الانسة والاديبة الشهيرة مي زيادة رحمها الله كانت في ذلك الزمن الجميل شاغلة الناس وحديث الناس وعلى الاخص الادباء والمثقفين . والمواطن اليوم ومن خلال ارشيف رئيس تحريرها نعيد نشر الحوار الذي اجرته مجلة الهلال معها عام1928 م ليطلع عليه الجيل الحاضر وليعرف كيف كان تفكير ادباء واديبات ذلك العصر ….
في عدد ابريل الصادر عام 1928 نشرت مجلة (الهلال) المصرية حديثا مع الآنسة مي( الكاتبة المعروفة مي زيادة ) مع مقدمة طويلة زادت حجم المقابلة !فيما يلي نص الحديث باستثناء كثير من المقدمة التي التي كرست للتعريف بها .تضع الانسة مي احسن التقاليد للمراة العربية في ادبها ومعيشتها ولها (صالون) تستقبل فيه ضيوفها وهو من الرحابة و التانق في الاثاث بحيث يشغلك في التامل و التفكير في هذا الذوق السليم الذي يجمع بين هذه الطرفمن صور وتماثيل . وتستقبلك الانسة مي بوجه صبوح يفيض بشرا وبشاشة وتنظر اليك بعينين تتالقان ذكاء . ولم يعد لها ذلك التاج المجيد الذي كان لها من شعرها فانها جزته لانها مع عطفها على الشرق لا تستنكر الازياء الغربية التي تعتمد الان على الثوب القصير والشعر المجزوز .
وصالون الانسة مي بدعة شريفة في مصر يغشاها عدد كبير من الادباء ويؤمه الغلرباء الذين يحبون ان يقفوا على شيء من علامات النهضة النسائية في نصر . وقد زاره هنري جيمس القصصي الامريكي وشقيق وليم جميس العالم النفسلوجي المشهور وكان بصحبته ابن الشاعر لونجفيلو . وكان من اصدقائها الذين لا يتخلفون عن زياراتها شلبي شميل و يعقوب صروف و اسماعيل باشا صبري وولي الدين يكن ويدور الحديث في كل شيء من السياسة الى الادب الى الاجتماع فيلقى المجتمعون من فصاحة لسانها وسرعة جوابها ما يكسب الاجتماع نشاطا وحياة .
غرس الصبا
قلت انني ارى ايتها الانسة انه تغلب على جميع كتاباتك تلك العقلية العالمية فهل للتربية الاصلية علاقة بذلك ؟
قالت : للتربية وللثقافة بذلك بل هما في الاساس فاني ولدت في الناصرة من والد ماروني وام أرثوذكسية فلم يكن ثمة مجال في نفسي للتعصب لاحد المذهبين ثم تعلمت التعليم الابتدائي في مدرسة للراهبات الاجنبيات في عينطورة فلما قدمنا مصر تعلمت على اساتذة كثيرين مختلفي الرعوية ولعل معرفتي لتسع لغات قد زادت في حدود وطنيتي وجعلتني انظر الى العالم كانه وطني الاكبر. ولعل ايضا سياحتي في اوروبا قد زادت في نفسي هذه العقلية .
تطور المراة
قلت هل ترين منذ قدومك الى مصر تطورا واضحا في احوال المرا ة المصرية ؟
قالت ليس شك في ذلك ففي سنة 1912 لم تكن فتاة مصرية تجرؤ على ان تضع اسمها في مقال تكتبه في الصحف اما الان فهي تفتخر بذلك وقد تطورت الملابس واتخذت النساء الأزياء الأوروبية . و الارتقاء واضح جدا في اجتماعات النساء فقد ارتقى الحديث بينهن وصرن يتكلمن في السياسة والشئون الوطنية الهامة اما قبل ذلك فكان الحديث قيل وقال وهذه تزوجت وتلك تطلقت . واعتقادي ان الحجاب لم يكن قط بمصر وانما هناك ازياء تطورت .
كيف ابتدت تكتب
قلت كيف ابتدات في الكتابة وما الذي لفت نظرك اليها ؟
قالت لما كنت تلميذة في مدرسة الراهبات بعينطورة كنا نكلف بالقاء خطب تنشئها لنا المعلمات ونتمثل احيانا بعض القصص الصغيرة فكان هذا يستفزني الى التاليف وو الخطابة حتىاشتهرت في الندرسة بجودة الالقاء في الفرنسية و العربية و ظفرت بالجائزة الاولى في الانشاء في هاتين اللغتين ولما جئنا مصر تسلم ابي تحرير المحروسة اخذت انشر فيها بعض المقالات . وشرعت من ذلك الوقت في درس اللغة وقام في ذهني ان اكون كاتبة لما قدم الطيار الفرنسي فيدرين الى مصر القت نشيدا بالفرنسية لاستقباله نشرته جرائد باريس الكبرى فشجعني هذا على المضي في التحرير وحدث في سنة 1913 ان احتفل بتكريم الشاعر خليل بك مطران بمناسبة انعام الخديوي عليه بوسام وكان جبران خليل جبران قد بعث بخطبة في الحفلة فوقع الاختيار على لالقائها فرايت نفسي في جمع حافل من الادباء فالقيت الخطبة ثم عقبت عليها بخطبة من تاليفي تعقيبا وعطف علي الجمع المحتشد فهتفوا لي هتافا عظيما جعلني ازهى بنفسي حتى صرت احلم بان اكون اديبة كبيرة فاخذت نفسي بالدرس والجدمن ذلك الوقت .
المسلمة و المسيحية
قلت هل ترين فرقا بين المراة المصرية و المراة السورية من حيث النزعة ؟
قالت : اجد فرقا بين المسلمة و المسيحية سواء اكان هذا في مصر ام في سورية , فالمسلمة في كلا القطرين اذا تعلمت بقيت شرقية وطنية تصبغ ثقافتها بالصبغة الشرقية اما المسيحية في مصر او سورية فتتفرنج وتنسلخ من الشرق وهناك عامل اخر يجعل السورية تتفرنج والمصرية تبقى محتفظة بمصريتها وهو ان مدارس الحكومة كثيرة في مصر بينما التعليم في سورية في مدارس الرسالات الاجنبية زد على ذلك ان تاريخ مصر يعلم في مدارس مصر اما في سورية فتاريخ اوروبا لا تاريخ سورية هو المادة المقررة في المدارس .
نزعات الادب و نزغاته
قلت ماذا ترين في الادب من حيث النزعات و النزغات ؟
قالت : ارى ان الادب المصري ينزع نحو ثلاث وجهات . فهو ينزع نحو السياسة والقومية وهذه النزعة عامة لجميع الكتاب فالكاتب يكتب عن أي موضوع ووراء ذهنه هم هو الوطن فهو اذا كتب عن العلم او الادب او الاجتماع التفت الى مصر ولم يقنع بالوصف التقريري كما يجري في اوروبا مثلا . والنزعة الثانية هي الرغبة في ثقافة عالمية وهذه النزعة محصورة في فئة راقية من الكتاب . فالكاتب من هذه الفئة يرغب في استيعاب الثقافة العالمية واحيانا لفرط رغبته في هذه الثقافة يكاد يناقض نفسه عندما تنزع به النزعة الاولى الوطنية اما النزعة الثالثة فهي الرغبة في الاصلاح الاجتماعي وهي تشمل كل الكتاب تقريبا .
هذا من حيث النزغات اما ما تسميها النزعات فاظن ان اسواها هو التعصب الحزبي وما يجره من سوء الذوق في التعبير . ثم استعمال الفاظا قديمة تنطوي على معان تنافي روح العصر الحاضر ولا تبتعث في النفس الا اسوا الغرائز واخيرا اظن ان عندنا طائفة من الكتاب تحتاج الى التوسع في الثقافة و الاستنارة العامة حتى يقل الكلام ويكثر المعنى .
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليقاً