اتجه مورينيو إلى دراسة إدارة الأعمال، بناء على اقتراح أمه، لكن لم يجد فيها ما يناسبه. غادر الكلية قبل انتهاء أول فصل دراسي. ظل في المنزل عدة أشهر. يقرأ عن التخصصات ويتحدث مع والده عن مصيره دون جدوى. كان يقتل الضجر والقلق والتوتر بمرافقة والده وهو يدرب فريق، سيسيمبرا. أحس مورينيو بمتعة وهو يستمع إلى شرح أبيه إلى اللاعبين. ناقش والده في موضوع دراسة التدريب. شجعه والده. انخرط في دراسة العلوم الرياضية “مسار تدريب كرة القدم” في جامعة لشبونة. يشير المدير الفني لمنتخب اسكتلندا، الذي درسه في الجامعة أنه اندهش من اهتمام مورينيو بالتفاصيل وحرصه على إجادة لغات أخرى. لقد كان مورينيو يعتقد أنه سيدرب فريقا كبيرا مطعما بنجوم أجانب ومعرفته بلغتهم ستقربه منهم.

بعد تخرجه درب مورينيو، فريق شباب، فيتوريا سيتوبالدي، المحلي، في بداية التسعينيات. لكن سرعان ما حصل على عرض للعمل مترجما للمدرب الإنجليزي السير بوبي روبسون الذي تم تعيينه آنذاك مديرا فنيا لفريق سبورتينج لشبونة. وكانت الوظيفة تتطلب إجادته اللغتين الإنجليزية والبرتغالية ومبادئ التدريب الأساسية حتى يستطيع إيصال الخطط للاعبين بشكل سلس. رشحت الكلية مورينيو لفريق سبورتينج لشبونة لأنه كان يجيد اللغة الإنجليزية ومنفتحا على الثقافات الكروية الآخرى.

عمل مورينيو مع روبسون في لشبونة ولاحقا في برشلونة. تطور دوره تدريجيا فبعد أن كان مجرد مترجم. تحول إلى مخطط للحصص التدريبية، ومتحدث في المؤتمرات الصحافية. نشأت علاقة صداقة حميمة بينهما. كان روبسون مغرما بالأسلوب الهجومي الصرف بينما مورينيو كان مولعا بالأسلوب الدفاعي الصارم. تواجدهما معا صنع توازنا ملموسا جعله يصعد إلى منصب مساعد مدرب. استمر مورينيو مع خليفة روبسون في برشلونة المدير الفني الجديد للفريق، الهولندي، فان غال.

غال أعطى مورينيو المزيد من الصلاحيات. جعله يتولى إدارة الفريق فنيا في بعض المنافسات، مع مسؤولية تدرب الفريق الرديف (ب).

بعد تجربته الناجحة في برشلونة تلقى عروضا للعمل مدربا في البرتغال. رأى مورينيو أن مرحلة التأسيس انتهت وحان موعد بناء الاسم المستقل.

درب بنفيكا، ويونياو دي ليريا، وبورتو في البرتغال. سحر الجميع بنتائجه ولا سيما مع بورتو الذي أحرز معه الدوري مرتين ودوري الأبطال مرة وكأس الاتحاد الأوروبي مرة في نجاح غير مسبوق. ثم انتقل إلى تدريب تشلسي الإنجليزي الذي فاز معه بالدوري مرتين. قاده نجاحه إلى تدريب إنتر ميلان الإيطالي الذي نال الدوري تحت إدارته مرتين ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة. ونجح مع ريال مدريد في كسر احتكار برشلونة للدوري في السنوات الأخيرة.

اليوم معظم متابعي كرة القدم في العالم يعرفون مورينيو الابن، لكنهم قد لا يعرفون الأب اللاعب الدولي السابق. اختار الابن القرار الصعب والمؤلم في ترك كرة القدم مبكرا. بينما اليوم ينعم بسمعة تدريبية لائقة واسم لامع في عالم التدريب. تعب شهرا وفرح دهرا. لو ظل لاعبا فترة أطول ولم يدرس التدريب ربما لم تتح له فرصة العمل مع مدربين كبار كروبسون وغال اللذين أضافا إلى خبرته النظرية الخبرة العملية المهمة.

دائما أتساءل: لماذا نصر على البقاء في مسارات لا نجد أنفسنا فيها؟ البعض يزعم أنها مصدر رزقه الوحيد في حين أتاح الله لنا ـــ سبحانه وتعالى ـــ ألف باب للرزق. بيد أننا لم نطرقها. من لا يطرق الأبواب لا تفتح له. نداوم في مكاتبنا التي لا نتقبلها وننتظر أن تهطل علينا الفرص. لدى كل منا موهبة تستطيع إثراءه، ما علينا سوى استكشافها. من لا يبحث لن يكتشف لا فرصة ولا ربع فرصة!

من يعمل عملا يحبه سيجد ما يحبه. ومن يقوم بمهام لا يشتهيها سيحصل على ما لا يبتغيه. تألَّم يوما خير من أن تتألم طول عمرك!