د. أحمد الجميعه

التاريخ لا يعيد نفسه إلاّ حين تكون أسسه ثابتة، ومواقفه مشرّفة، ورؤيته واضحة، ورموزه منارات مشّعة للأجيال.. يروون تضحياتها، ونضالاتها، ومنجزاتها، ويفاخرون ويفتخرون بها، ويأخذون من تفاصيلها منهجاً في الحياة، ومن مبادئها شموخاً وعزة وكرامة.كثير من أبناء هذا الجيل لم يعاصر الملك عبدالعزيز في مجلسه، أو قصره، أو في مهمات عمله، ولكنه بقي في داخلهم رمزاً كبيراً مهيباً، وورثوا منه منجزاً وحدوياً عظيماً؛ سيبقى أمانة في عنق كل واحدٍ منهم، بيعة وعهداً بأن نمضي صفاً واحداً مهما كانت التحديات، ونخرج من كل أزمة أو حدث ونحن أكثرة قوة، وثقة، وعزيمة من أن القادم أفضل..جيل اليوم يرون في “عبدالعزيز” تاريخاً شاقاً وطويلاً من التعب والتضحية والصبر وهو يجاهد في لم الشتات، وتوحيد الأرض، والإنسان، ويخرج من كل معركة منتصراً بعقيدته قبل سيفه، وحكمته قبل قدرته حتى حصدنا اليوم وطناً آمناً مستقراً، كما يرون في “عبدالعزيز” قدوة لهم بأن يبقى الوطن للجميع.. لا نتخاذل في يوم ينادينا فيه، أو نتنازل عن شبرٍ من أراضيه، أو نتخلى عن ثوابته، أو نتركه للعابثين الرخيصين الانتهازيين، أو حتى نساوم عليه، أو نزايد إلاّ بقدر عطائنا..”عبدالعزيز” ألهم جيل اليوم -مع العالم المضطرب سياسياً وأمنياً- كيف تكون نعمة الأمن والاستقرار، وقيمة الوحدة وهي تتصدى للإرهابيين ودعاة الفتنة والطائفية، ومعنى التسامح حينما نكون كباراً بقيمنا ومبادئنا، وبُعد النظر حين نصنع مواقفنا.. لقد ترك فينا عقلاً نميّز فيه بين الوحدة والفُرقة، والأمن والخوف، وسلوكاً يحمّلنا مسؤولية العمل معاً في مهمة الدفاع والتصدي، وهو الرصيد الذي يرى فيه شباب الوطن أنهم كبار برمزهم وملهمهم “عبدالعزيز”، حيث لا حياة ولا كرامة إلاّ بوطن يجمعهم ولا يفرّقهم، ويأخذ بأيديهم إلى العلو، والتقدم.اليوم نعيد ذكرى نضال “عبدالعزيز” ونحن أمام تحديات من يريدون أن يختطفوا مشروعه الوحدوي، ويحلمون بتقسيم أرضه، وثرواته، وإثارة الفتنة بين صفه الواحد، ويمنّون أنفسهم أن تتحقق أهدافهم كل ما تقدم الزمن، وتنازلت الأجيال عن قيمها، ولكن كل هذه الأمنيات والأحلام اختصرها الشعب الوفي المخلص الصادق النزيه بأنه أحرص من القيادة نفسها على منجز “عبدالعزيز”، ولن يتخلى عن وحدته وقيادته وأرضه حتى وإن وصل الموت إلى كل واحد فيهم..هؤلاء المحرضون السذّج لم يدركوا معدن أبناء المملكة حينما وجدوهم في أكثر من اختبار أكثر قوة وصلابة ودفاعاً عن وطنهم، وحرصاً عليه، وكل ما حاولوا أن يثيروا فتنة اجتمعوا عليها وأخمدوها، وكل ما سعوا إلى خراب أو دمار تصدوا لها بوعيهم قبل سلوكهم، وأخذوا منها دروساً للمستقبل.. ونماذج كثير من الشباب شاهدة على ما نقول في أكثر من موقع، ويكفي أن شعور كل واحدٍ منهم صادق ومعبّر حين يكون الوطن في اختبار الحضور؛ فلا صوت، ولا حوار، ولا خلاف أو اختلاف إلاّ على الوطن..نعم لقد ألهمنا “عبدالعزيز” روح الوطن، وفروسية الدفاع، والفداء، والنضال، والحزم، والعزم، وهو ما نجده اليوم حاضراً في قيادة الملك سلمان بوعيه، وحكمته، وقدرته، وحزمه، وعزمه في مواجهة التحديات، حيث أخذ من والده قيم الوطن وثوابته، ومنجزاته، وتاريخه، والعدل والمساواة بين أبنائه، ومضى في عهده الزاهر يؤسس لسعودية جديدة روحها وقوامها الشباب، والاستثمار في إمكاناته، والخروج إلى فضاء أرحب من العلاقات الدولية، والاستثمارات الاقتصادية، وهو ما يعني أن المستقبل أفضل ومبشر بكل خير./ عن الرياض