تم النشر في الأربعاء, 26 يونيو 2019 , 07:58 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , مقالات
الحلقة السادسة عشرة من رواية ( عين الحريم ) للاستاذ أحمد المغلوث
لعب ورق
مضى الوقت سريعا .. وهم يتبادلون الأحاديث عن قراءاتهم البسيطة ..متابعتهم لبرامج تلفزيون الظهران .. هناك من تعجبه حلقات المحامي الشهير ( بيري ميسون ) أو أفلام البطل المغوار .. أما هو فكانت تعجبه أفلام الرحلات والاستكشاف والحوارات الثقافية.. يتابع مثلهم المسلسلاتالبوليسية والدرامية وحتى الأفلام العربية والأجنبية.. ولكنه كان دائما يفضل برامج الرحلات .. فهي تنقل له مدن العالم وهو جالس .. مازال يذكر مشاهدته عن مدينة ( استكهولم ) العاصمة السويدية وكيف يغطي الثلج شوارعها الجميلة وتحت هذه الشوارع حياة أخرى .. طرقات ومحلات ومراكز ثقافية مختلفة..!! تواجدهم في المخيم كان محدودا بثلاثة أيام.. مضى اليوم الأول تقريبا ً .. ولابد لهم من التفكير في طريقة يقضون فيها أوقات اليومين القادمين بشكل مدروس .. ففي ساعات النهار يجب أن يتوزع عملهم على القيام بإعداد الطعام ولعب الورق و( الكيرم ) ولا مانع من المشاركة مع الآخرين في لعب كرة القدم .. صاحبنا لا يعرف لعب الورق فأعتذر لكنه يثق في نفسه كثيرا في اللعبة الثانية فسجل أسمه ضمن الفريق المنافس .. وأكد على استعداده للانضمام معهم للعب كرة القدم ..!! كانوا خمسة .. وأتفق الجميع أن يجرون قرعة على من يخرج من تشكيلة اللعب .. في الورق أولا وبعدها الكيرم .. طلب منهم أن يكون خارج تشكيلة الورق لجهله باللعبة وأصولها .. خاصة لعبتهم الشهيرة ( البيلوت ).. لذلك كلف بالتحضير لطعام الغداء .. على أن يذهب حال جلوسه صباح الغد إلى الجهة الأخرى من الشاطئ حيث يتواجد بعض الصيادين الهواة الذين يقومون ببيع صيدهم الطازج من الأسماك.. على أن يحرص على شراء سمك ( الهامور ) أو الكنعد، فهما أفضل للكبسة ..!! وافق على مضض على شريطة أنه يشتري السمك فقط وليست له علاقة بأعداد الطعام .. وبعد أخذ ورد أضيفت له مهمة أخرى تمثلت في فتح حقيبته الجلدية وأخرج أحدى القصص التي احضرها معه وكانت من مؤلفات ( محمد عطية الابراشي ) والذي أخذ على عاتقة نشر الثقافة بلغة سهلة لا صعوبة فيها ولا تعقيد .. كي يسهل على التلميذ قراءتها والانتفاع بها في المدرسة وأوقات الفراغ .. ) هكذا جاء في مقدمة القصص القصيرة التيكتبها الأستاذ الابراشي .. وراح صاحبنا يواصل قراءة القصة وكانت عن الجندي المجهول وقصص أخرى قصيرة جدا يذكر منها في سبيل الوطن والجواب الاسبرطي والوطنية المنسية.. كانت القصص في مضمونها تحث على الوطنية وتثير في القارىء لها النوازع الدفينة التي تسكن في أعماقه فتبث فيها محبة الوطن والإخلاص له معتمدة على نماذج رائعة من التاريخ .. متضمنة الإشارة إلى نماذج متميزة من المخلصين من شعوب مختلفة .. لقد قضى وقتا طيبا بين صفحات قصص الابراشي .. وشعر في داخله بمشاعر شتى تجاه وطنه الكبير .. مشاعر كلها حب وتقدير لؤلئك الجنود المجهولين الذي وقفوا درعا حصينا دفاعا عن هذه الأرض الطيبة العظيمة على مدى القرون الماضية ..!!
مجلة القافلة
يمر الوقت .. فناجين الشاي باتت فارغة.. أوراق اللعب تتنقل بين أصابع اللاعبين بخفة.. يتابعهم بملل .. يبحث عن شيء ممتع يقرأه.. ليس له رغبة في قراءة القصص.. يريد شيئا مختلفا .. سألهم: أعند أحدكم شيئا مختلفا أطالعه..؟ أجابه أبن عمه أعتقد أن لدي العدد الجديد من القافلة.. وكانت هذه المجلة التي تصدر عن شركة البترول .. ولدت مجلة ناجحة منذ صدورها .. أشار له أبن عمه أن يسحب المجلة من تحت وسادته.. جلس بالقرب من ( الاتريك ) كان العدد كعادته حافلا بالمواضيع .. راح يقرأ أحد المواضيع الشيقة التي كانت تتحدث عن ..( الصيف والشتاء في الأدب) بقلم الأستاذ عبد المجيد الشاوي وفي الموضوع إشارات عن تأثير الصيف على أهل البلاد الحارة وان الشتاء ارحم من الصيف في الصحاري العربية .. فها هو الشعر يصف الحر فيقول ذي الرمة:
وهاجرة حرها وأقد نصبت لحاجبيها حاجبي
تلوذ من الشمس أطلالها لياذ الغريم من الطالب
أما الشاعرالامير ناصر الدين بن الفقيس فيقول :
في زمان يشوي الوجوه بحر ويذيب الحر ملوكا فصخرا
وهذا هو الشاعر الزمخشري يقول في الشتاء
أقبلت يا برد ببرد أجود تفعل بالأوجه فعل المبرد
أظل في البيت كمثل مقعد من قبضا تحت الكساء الأسود
وقال أبن سكرة:
قيل ما أعددت للبرد وقد جاء بشده
قلت دراعة عري تحتها جبة رعده
وتابع بمتعة شديدة قراءة ما كتبه المحرر عن الشعر والصيف والشتاء..!!
وقال لابن عمه هل لديك المزيد من المجلات .. فاجابه : هناك في درج السيارة مجلة ( الاداب ) بامكانك الاستمتاع بقراءة مافيها من مقالات ودراسات أدبية وفكرية .. صحيح العدد قديم ولكن المجلة مثل الكتاب .. كلاهما يحتفظ بحيويته ومعلوماته على مر الايام ..!!
الف شكر.. كنت في حاجة فعلا لمثل هذه المجلات في زمن ( لعب الورق ) قال ذلك وهو يقفز مسرعا في اتجاه السيارة .. قالها باسما كأنه تعود على أن يتلقى مثل هذه المجلات من قريبه .. ثم بدأ يقرأ المجلة فهذه دراسة عن الف ليلة وليلةوكيف حققت وعلى مر العصور النجاح .. نعم انها عمل قصصي شعبي عالمي يجد صداها المدوي في الشرق والغرب على حد سواء هذه الدراسة جعلته يتذكر قراءاته الاولى لالف ليلة وليلة وكيف كان يحتفظ باعتزاز بمجلداتها في مكتبته الصغيرة والمتواضعة ..جنبا الى جنب مع مجلدات سيف بن ذي يزن .. وعنترة بن شداد .. والظاهر بيبرس وحمزة البهلوان .. .. هذه الدراسة التى اطلع عليها على ايقاع اصوات لعبة ( البيلوتواحتساء أصحابه لاكواب الحليب بالزعفران .. جعلته يشعر بالفخر إنه يملك مجلداتها ( كمن يملك الان مخططات الاراضي والعقارات ) بل وسعد كثيرا بالسفر عبر حكاياتها المثيرة فلاعجب بعد ذلك أن تترجم الى مختلف لغات العالم بل هناك من أعتبرها وراء الارهاصات الاولى للشفافية والوضوح في عملية الكتابة .. وعندما كبر صاحبنا قرأ الكثير بعد ذلك من الدراسات والابحاث عن هذا الكتاب .. بل مازال يذكر بتقدير تلك الدراسة التي كتبها( فاروق خورشيد ) في مجلة الهلال عام 1395هـ كانت دراسة جادة وتحليلية تطرق فيها الى مختلف الجوانب والدراسات التي قام بها الباحثون والمستشرقون على مدى عقود مختلفة..!!شعر بالدهشة والمتعة وهو يقرأ مافي المجلة من مواضيع شيقة فهذا موضوع رائع عن موسوعة الاغاني لابي الفرج الاصفهاني .. يالله رددها بينه وبين نفسه وهو يسمع صراخ احدهم معاتبا آخر لانه ضبطه يغش في اللعب .. كاد يصرخ فيهم جميعا كونهم لا يحترمون طقوس القراءة .. انه يستمتع الآن بماكتب عن الاغاني الكتاب الموسوعة والتي جسدت مقدار ماكان يتحلى به المؤلف في الماضي من صبر وجلد كبيرين .. صبر عجيب ومدهش عندما عرض لتراث الامة وراح يجمعه تارة والتقصي والبحث عنه تارة أخرى اضافة الى التحقيق والتدقيق لقد كان كتب ( الاغاني ) موسوعة تاريخية عظيمة مازالت حتى اليوم تحظى وفي مختلف دول العالم بتقدير كبير
ميناء العقير
كانت الساعة تقترب من التاسعة صباحا عندما أتجه صاحبنا إلى الجهة الأخرى من الشاطىء حيث يتواجد بعض الصيادين الهواة .. كان ما زال رطبا وحاراً.. إلا أنه كان يشعر بحيوية. كان كل شيء مهيأ في العقير .. الميناء القديم للمنطقة بشكل خاص والمملكة بشكل عام ..من اجل القادمين إليه فهناك مركز ا لخفر السواحل .. ومازالت قلعة الميناء الشهيرة محافظة على مبانيها حتى المباني الأخرى .. الجمارك .. حوانيت الأسواق .. الجامع .. جدران المباني التي بنيت من صخور البحر والأحجار و الأبواب الضخمة التي بدأت مساميرها ذات الرؤوس الكبيرة واضحة جلية في أخشابها المتآكلة مع تساقط أجزاء كبيرة منها ..أخاديد وخطوط وتعرجات محفورة بعمق في أجساد الأبواب وبقايا الوا ن تكاد لا تراها بالعين المجردة من فرط تلاشيها .. رائحة الماضي تكاد تشمها وأنت تتجول بين هذه المباني .. ولا تملك إلا أن تتساءل كيف كانت عليه حالة هذا الميناء الشهير .. هنا التقى الملك عبد العزيز بيرسي كوكس ..وهنا وقعت اتفاقية العقير الشهيرة وهنا أشرف الأمير أحمد الثنيان على مغادرة الأتراك لميناء العقير.. ومن هنا عبر العشرات من الرحالة والمستشرقين والأطباء وحتى الذين كانوا يتطلعون إلى محاولة التبشير في هذه الأرض الطيبة .. لقد قرأ الكثير عن هذا الميناء من خلال مذكرات الرحالة والعابرين منه واليه .. لم يكن هذا المكان مكانا عاديا في القرون الماضية كان مرفأ تجاري هام تحدثت عنه العديد من كتب الرحالة ومذكراتهم إضافة إلى كونه نقطة وصل مابين الجزيرة والشرق خاصة الهند حيث كانت التجارة والغوص يسيطران على واقع المنطقة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حتى القرن العشرون حيث تراجعت تجارة وأعمال الغوص من هنا كان تجار الإحساء المشهورين في التصدير والاستيراد يمارسون تجارتهم في تصدير التمور واللؤلؤ والمشالح والعبي والصناعات التقليدية التي اشتهرت بها مدينته على مر العصور .. ومع تراجع تجارة اللؤلؤ بصورة ملفتة مع نجاح اليابان ومن خلال احد علمائها (ميكو موتو) في زراعة اللؤلؤ الصناعي .. حيث نجح عام 1912م في إنتاج أول لؤلؤة صناعية مستديرة وأصبحت مصانعه تنتج سنويا حوالي 20 مليون لؤلؤة مما ساهم في انخفاض أسعر اللؤلؤة في الخليج بل والعالم ككل.. وهكذا تأثرت الإحساء والمدن الأخرى الواقعة على الخليج وبالتالي تراجعت منة الغوص والتي كان هذا لميناء ( العقير ) الذي يقف صاحبنا بين مبانيه التاريخية وهي تحدثه بحسرة كيف كانت ملء العين والبصر .. وكانت التجارة من خلاله هذا المكان لا مثيل لها على مستوى موانىء العالم . هذا ما أكدته الوقائع التاريخية .. ومن خلال الميناء تغادر عشرات سفن تجار الإحساء إلى الكويت والبحرين وقطر وعمان ودبي والبصرة والهند ..وكانت الجمال المغادرة الميناء المحملة بالبضائع يتراوح عددها مابين 200 إلى 300 جمل أسبوعيا .. واصل صاحبنا تجواله بين المباني.. والفرضه .. والشاطئ الرملي .. كان البحر في ذلك الصباح هادئا رائعا زرقته تعكس بصفاء أشعة الشمس المشرقة .. كان البحر دائما يثير في نفسه أحاسيس ومشاعر شتى .. العمق اللانهائية .. السفر .. الحلم.. سفن الصيد وسفن الغوص القديمة والتي تناثر أشلاء بعضها على رمال الشاطىء .. وأشرعة السفن القادمة من هنا وهناك تعني له الكثير.. رحلة سفر طويلة إلى عالم مجهول إلى دنيا جديدة كما كان يفعل سندباد بطل مجلته المفضلة ..عاد محملا بكمية لا بأس بها من الأسماك التي اشتراها من احد الصيادين الهواة .. كانت مهنة صيد السمك مهنة مهمة لأبناء منطقته وبشكل خاص أبناء العقير .. فالبحر بالنسبة لهم كنزهم اليومي ومن خلاله يعتاشون .. قبل اكتشاف النفط .. اليوم صار ت ممارسة الصيد عملا تقوم به شركات ومؤسسات كبيرة تستخدم تقنيات صيد متطورة وحديثة .. مع أن هناك المئات مازالوا يمارسون الصيد في مدن المنطقة بأساليبهم التقليدية وبالمعدات البسيطة المتوفرة ..!!/ يتيع غدا
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليق على الخبرالمواطن اليوم اطلع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء ، في مقر المحافظة اليوم ” […]
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
بقلم :
س | د | ن | ث | أرب | خ | ج |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
اترك تعليقاً