تم النشر في الإثنين, 24 يونيو 2019 , 06:08 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , مقالات

الحلقة الرابعة عشرة من رواية ( عين الحريم ) للاستاذ أحمد المغلوث

 

الحلقة الرابعة عشرة من رواية ( عين الحريم ) للاستاذ أحمد المغلوث

ضحكات طفولية

هل جربت مشاهدة التلفزيون  في صمت بدون أن تتكلم أو تحدث حركة ما.. في المجلس المجاور لمجلس الرجال حيث تتابع النساء والفتيات ومن خلال المرآة العاكسة البرامج في صمت..؟ عليهم السمع فقط .. الكلام لا.. هكذا كانت تعليمات خاله .. وإلا فلا مشاهدة.. حتى الأطفال الصغار من أبناء الأسرة الذين يكونون برفقة أمهاتهم .. يتحركون في صمت كأن على رؤوسهم الطير .. مره لم تملك طفلة صغيرة نفسها من الضحك وهي تشاهد إسماعيل ياسين.. فراحت تضحك ببراءة .. ووصل صوت ضحكاتها إلى مجلس الرجال .. وبسرعة كح خاله  .. كحة طويلة.. فتلاشى صوت الضحكات التي انبعثت من المجلس المجاور.. لقد هربت أم الطفلة بطفلتها الضاحكة ومعها هرب الجميع.. شعر بذلك خاله وأشار إليه أن يذهب لهم ويطلب منهم العودة لمجلسهم بس بدون صوت.. قال ذلك له بحنان وحب وبنبرة أبوية لا يستطيع كتمانها فهي واضحة في ملامحه الباسمة..

..صلاة الجمعة

لبس صاحبنا وشقيقه ثيابهما النظيفة وأسرعا في سيرهما خلف والدهما عبر الطريق الموصل إلى جامع الإمام فيصل بن تركي.. وهو الجامع الكبير بالمدينة والذي يمتاز بحجمه وأتساعه ..فاليوم يوم جمعة وعليهم أن يكونوا في الصفوف المتقدمة فخطيب الجامع الشيخ العبد القادر رحمه الله كان يمتاز بهدوء صوته وهو اقرب من الهمس من الكلام.. فأنت تشعر وأنت تسمعه بالسكينة وإذا لم تقترب من المنبر كثيرا فربما فاتك سماع بعض العبارات التي قد تكون مهمة في سياق الخطبة ..لذلك كان محظوظا من جاء مبكرا ووجد له مكانا ً في الصفوف الأولى .. كان يطيب له سماع الشيخ محمد وعباراته السلسة المشبعة بالتوجيه والوعظ  .. لقد أسهم الشيخ وغيره من علماء المدينة في تطوير حياتها العلمية والدينية.. !!

الشهوة الثقافية

  نسيم البحر الصيفي الحار المشبع بالرطوبة يهب من الجهة الشرقية حاملا فوق سطحه المتموج زبد البحر وبعض الأوراق الكرتونية وأخشابا طافية دافعة بها إلى الشاطئ ورماله الذهبية الرائعة حيث نصبت خيامهم..  في فصل الصيف يكون لنسيم البحر شكلا آخر .. يجعل الجلوس على رمال الشاطىء ممتعا .. فكيف وبيدك شيئا  تطالعه .. يسافر بك وبالمكان إلى الأبعد: إلى عالم لا متناهي ..تمدد صاحبنا على فراشه  واضعا رأسه على  ( مسند ) قطني وراح يطالع ما توفر لديه من مجلات .. الهلال  والتي أهداها إليه أبن خالته، والذي كان يدرس في كلية فكتوريا بالإسكندرية .. كان يعرف عنه عشقه وولعة بالقراءة.. فكانت هذه الهدية، التي مازال لديه بعض من أعدادها حتى اليوم.. وبعضها الآخر أختفي،  استعارها منه بعض زملاء الدراسة  لكنهم لم يعيدوها إليه .. مئات المجلات والكتب التي اختفت من مكتبته بهذه الطريقة الممجوجة والتي هناك من يجيد ممارستها بحرفية وتفنن وحتى مماطلة.. لا تستطيع إزاءها إلا الاستسلام والخضوع .. ومع الأيام بات لا يعلن عن كتب مكتبته  الجديدة أو حتى إتاحة البعض للاطلاع عليها .. وما زال يذكر مقولة الكاتب الروسي (تورجنيف ) وكان يأتي في مقدمة كتاب روسيا بعد تولستوي  يقول : الكتاب مثل الزوجة لا يمكن إعارته ..!! ومع هذا اختفت من مكتبته العديد من الكتب والمجلات التي تعب في الحصول عليها.. ولا يعلم كيف  ..

راح يقرأ  .. بشهوة: هل مارست هذا النوع من الشهوة الثقافية.. أن تعشق الكتاب.. أن تتوسده وتسافر عبر كلماته .. تبادله العناق اللذيذ .. بعض الكتب مثل النساء، فيهن الجميلة وفيهن المتوسطة الجمال.. المرأة الشهية.. المرأة الأنثى .. والمرأة التي تكره الاقتراب منها.. فرائحتها كريهة .. وإذا كان الكتاب يقرأ من عنوانه.. فالمرأة أيضا تعرفها من ملامحها ..  بعض الرجال الخبراء،  والبدو خاصة أبناء قبيلة المرة، يعرفون المرأة من أثار أقدامها إذا كانت هذه الخطوات لامرأة أو فتاة..  امرأة حامل أو حتى امرأة ساقطة والكتاب تكتشفه من لحظة إمساكك به إذا كان يستحق أن تمارس معه الحب..! وان تدفع قيمته مقدما.. هكذا كان صاحبنا ومنذ تعلم القراءة وهو  يمارس مع كتبه علاقة شهوانية  .. فكم من مرة سحبت والدته من يده كتابا كان يمارس معه الحب ونام والكتاب مازال ملتصقا به.. ومازال يذكر كلمات والدته الحنون عندما قالت له مره.. (عسى تهتم بزوجتك في المستقبل اهتمامك بالكتب التي تقرؤها ).. قالت ذلك وهي تخفي ابتسامة بيدها المزدانة بالخواتم الذهبية ذات الفصوص الياقوتية ..!!فرد عليها مبتسما أن شاء الله ..!! وهو يردد بينه وبين نفسه لابد أن يكن هناك حبا.. الحياة بدون حب  .. حياة صعبة ومملة لا يتصور نفسه أن يحتضن بين أصابعه كتابا لا يحبه.. ومع هذا اضطر لفعل ذلك زمن دراسته مع المئات من الكتب الدراسية وفي مختلف المراحل.. كان مضطرا لان يمارس الحب معها بدون شهوة.. تحصيل حاصل أو شر لابد منه .. فهناك أزواج يمارسون الحب مع زوجاتهم.. كما يمارسون العمل اليومي.. والتوقيع على أوراق الدوام ..بروتينية والية مكررة..والعجيب أن النتيجة تكون مشاهدة.. أبناء وبنات.. والأعجب والأكثر استغراب .. أن يكون الإنتاج كبيرا جدا ..  لدرجة تجعل الزوج طوال حياته وهو يركض بحثا عن لقمة عيش لهذه الأفواه والأجساد التي لا ذنب لها ومن حقها أن تعيش بكرامة بعيدا عن معرفة عواطف ومشاعر الأب وهل كان لحظة ممارسته للحب.. صادقا مع نفسه .. أو كان مستمتعا في قمة الشهوة والنشوة واللذة..!!

خيانة فكرية

مره قرأ موضوعا في احد المجلات يشكو فيها الزوج من حالته النفسية خلال ممارسته للحب مع زوجته.. انه يخونها دائما في فكره وعقله؛ فهو خلال الممارسة يتخيل الفتاة التي أحب، وكانت معه في الجامعة.. لكن لوجود مستحيلات لم يستطع الزواج منها فهي مسيحية وهو مسلم.. وأضطر للزواج من زوجته وهي على قدر كبير من الجمال.. إلا أنه مازل    يتخيل فتاته دائما ً..!!كذلك  صعق وهو يقرأ اعترافات احد القراء مع أحد أصاحبه خلال جلسة أخوية شفافة  ربما بينهم كؤوس من عرق ..!!.. لقد رمى صاحبه بثقل كبير كان يجثم فوق صدره،  كأنه أمام طبيبه النفسي .. ولم يصدق ماقاله صاحبه من أعترافات وشجون تخللها شيئا من الحنين والانين والرغبة الدفينه في كشف المستور الذي يسكن الصدور ..سأل نفسه ياترى هل كل الازواج يعيشون نفس المعاناة ويمرون بنفس التجربة المؤلمة التي تترسب فيها جوانب  عديدة من الخيانة والخداع  وارتداء الاقنعة المزيفة .. قد يجوز ذلك لليلة او ايام اما أن يستمر هذا المسلسل المشبع بالخيانة والخداع طوال حياة الزوجين فهذا شيء مرفوض وغير مقبول .. ليس مصلحا اجتماعيا وليس له في مجال الاجتهاد والفتوى .. مع الكم الهائل من قراءاته المختلفة في الكتب الدينية والفقهية التي ساهمت في إثراء تجربته الثقافية إلا أنه يعتبر .. النصيحة والتوجيه تقع ضمن خط أحمر لا يجب أن يتجاوزه .. من هنا قال لصاحبه أسف جدا يا صديقي لست مؤهلا لابدي لك رأيا أنت بصراحة بحاجة إلى طبيب نفسي أولا وشيخ فقيه ثانيا كلاهما اقدر مني على توجيهك إلى الطريق المستقيم للممارسة الحب المستقيم بدون خيالات أو تصورات فيها شيء من النفاق والكثير من الخيانة  العقلية والتي هي في نظري توازي الخيانة الجسدية ..!! / يتبع غدا

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.

مهرجانات

سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم “نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً”

المواطن اليوم اطلع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء ، في مقر المحافظة اليوم ” […]

  • فبراير 2025
    س د ن ث أرب خ ج
    1234567
    891011121314
    15161718192021
    22232425262728
  • Flag Counter
  • Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com