تم النشر في الإثنين, 28 أكتوبر 2013 , 12:23 مساءً .. في الأقسام : أهم الأخبار , ثقافة وفنون , من الأرشيف
احمد المغلوث /
مدت يدها الناعمة وتناولت كوب الشاي (بالنعناع) وأخذت تشرب بتلذذ واضح وتتامل الغرفة من حولها ..الاثاث الفاخر , الاجهزة الكهربائية ..التلفزيون ..الفديو ..وحتى الثلاجة موجودة في غرفتها التي باتت عبارة عن منزل صغير متكامل ..كل هذه الاشياء لم تكن تحلم بها يوما ما ..واشياء اخرى تجعلها تفكر جديا .. اغمضت عينيها الواسعتين وراحت تفكر عميقا بما انتهت اليه ..وفيما مضى من حياتها ..يا الله ما اسرع الايام .. وما جدوى هذا كله بدون حلمها وبهجتها وسعادتها ..ماذا فعلت ليتركها ويتزوج اخرى ..هكذا ببساطة تزوج دون ان يقدم لها حتى ا لتبرير لم يتكرم بصفعها به ..ترى هل تستحق منه كل هذا ..عندما سمعنا خبر خطبة ..لم تصدق في بادئ الامر ..آه لو كانت تحدثت اليه هاتفيا ..لو عرفت منه الاسباب..بالطبع لم تكن تستطيع ..العادات والتقاليد !! ..ماذا تفعل اذن , هل تستمر في البكاء ..كلما تذكرته تبكي .. وعندما كانت تسمع اخبارا من هنا وهناك , كانت دموع غزيرة تنساب في اعماقها ..دموع داخلية ..آه ..ماذا فعلت يا ربي حتى اتعذب هكذا بدونه ..قالتها بينها وبين نفسها وهي تسحب تلك الاوراق الوردية من تحت وسادتها ..انها كلمات ..ما زالت عذبة موحية رغم السنوات العديدة التي مضت عليها ..كانت هذه الاوراق اشبه ما تكون بابنائها انها تحس نحوهم بحنان خاص وغريب في نفس الوقت ..كيف لا تكون ابناءها ..اوليست منه ,الم يخطها بقلمه الرائع ..الم تكن هي الباعث والمسبب لكنايتها مزيجا مشتركا بينهما كانت تحس بالراحة حينما وصلت الى هذه النتيجة ..اوراقه ورسائله و كلماته هي امامي الان ..رفعت خصلة شعرها الفاصم التي لامست الاوراق كانها تريد تقبيلها ..تغرق معها في قبلة طويلة جدا ..اعتدلت في جلستها واضعة يدها خلف راسها والاخرى ممسكة بالاوراق ..تنفست بارتياح عندما تذكرت انه ما زال كما يقولون يحبها ..ويتطلع الى الزواج منها ..غير معقول ما سمعته حينها ..اتذكر انها قهقهت بشدة ..عندما ا خبروها عن ذلك .سخرت منه امامهم ..ولكنها في الداخل في اعماقها كانت تريده نعم تريده ..ومع هذا لا تستطيع ان تقول ذلك . هل تقبل ان تكون لها ضرة شريكة ..ام انه سيطلق زوجته ام اولاده ..ربما ..ربما لا ..انها لا تتصور وهي المتعلمة المثقفة ان يكون لها شريك فيه تخيل ذلك يقلقها .. ومع هذا هناك اكثر من فتاة في مجتمعنا تزوجت على ضرة ..؟!خيل اليها ان تبريرها سخيف وان التفكير في التبرير اسخف ..انها لا تستطيع ان تفعل فعلهن ..ماذا تقول لصديقاتها ..هل تناقض اراءها العديدة التي تعودت ان تطرحها امامهن بين فترة واخرى ..وردت لو انها لم تتحدث في مثل هذه المواضيع الحساسة ..خاصة امام صديقاتها ..سنوات وسنوات وهي ما تزال تنتظر أي حادث جديد ..ان يتقدم لها احدهم ..وتقدم الكثير .. ولكن النصيب كما يقولون لم يصب . انها في عقدها الثالث الان وبعض الغضون بدات تزحف حول عينيها . حتى ذلك البهاء الذي كان علامة لوجهها الجميل تحسه جامدا لا يرسل النور الان ..كانت تقضي الوقت بعد عودتها من عملها في النوم والزيارات وبعض المشاركات الاجتماعية .. وكانت تعتكف في غرفتها ساعات كاملة ..واحيانا تسال نفسها ما فائدة كل هذا ..العمل ..الفلوس ..اسم العائلة ..اذا كان لا يستطيع ان يعطيها هذا الشيء المثير ..الزواج ..الزواج من رجل حقيقي . رجل على الاقل افضل منه ..نعم انها الحقبقة تريد افضل منه هذا ال ذي تركها ودفعها إلى الإحباط اصعب شيء على الانسان ان يتركه احدهم ..يتساوى في ذلك الرجل و المراة ..ويشيع في كيان الواحد او الواحدة شيئا من القلق الغامض ..ولكنها الان تغالط نفسها انها تغفر له كل شيء ..انها تريده ما زال يسكن اعماقها هكذا كان في الماضي و هكذا هو الان .. لماذا تحزن لماذا تقلق ..يجب ان تخلع عن وجهها هذا القناع الزائف ..ان تكشف عن حقيقة عواطفها تجاهه وان تقبل به بشجاعة ..صديقاتها , معارفها سوف يتحدثون عن فترة قصيرة وبعدها تعود الامور كما كانت . الان الاشياء يتحدث عنها الناس في وقتها وبعد ذلك ينساها البعض والبعض الاخر يتناساها هكذا هي سنة الحياة ..لماذا تتردد ..لماذا لا تقبل به , هل يكون مرة اخرى لفتاة اخرى ..لماذا لا تكون هي هذه المرة ..انه سوف يتزوج .. سمعت اكثر من مرة انه يبحث عن زوجة ولكنه يفضلها هي ..نعم هي ..(الم يتلاءم نجمه مع نجم زوجته كما يقولون) ..اهتزت الاوراق في يدها ارتجفت مشاعرها ..وضعت الاوراق جانبا ..احست بان كيانها يرتخي ارتخاء لذيذا ..وشيئا من الحذر و الراحة تنعش نفسها المرهقة ..وهي ذي اللحظة الصادقة آه لست استطيع اخفاءها ..مدت ساقيها ..احسنت من وضع الوسادة تحت راسها ..وبحركة عفوية تناولت الوراق ووضعتها على صدرها ..وراحت في اغفاءة لذيذة …
—————————————–
هذه القصة نشرت في الرياض ( ثقافة اليوم ) عام 1406هـ في الرياض العدد 6293
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليقاً