تم النشر في الأحد, 15 سبتمبر 2013 , 08:16 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , الآراء والصور
عبدالله المغلوث
أرسلت إيميلا إلى سكرتيرة القسم في الجامعة البريطانية، التي أدرس فيها فوصلني رد تلقائي يشير إلى أنها في إجازة قصيرة لمدة ثلاثة أيام وباستطاعتي التواصل مع زميلتها، المرفق إيميلها، في حالة الضرورة. للأسف أن زميلتها لم تكن لديها إجابة عن سؤالي العاجل. اضطررت مكرها أن أهاتف السكرتيرة الرئيسة على جوالها الخاص، الذي منحتني إياه مبكرا للتواصل معها في الحالات الطارئة؛ وذلك للحصول على إجابة عن استفساري القصير والمهم. لكن باءت محاولتي بالفشل. فلم ترد عليّ. تركت لها رسالة صوتية باسمي وهاتفي، متمنيا أن تتصل علي متى ما أتيحت لها الفرصة.
عثرتُ على الإجابة، التي أبحث عنها عن طريق رئيس القسم. نسيت السكرتيرة وإيميلي واتصالي ورسالتي الصوتية. لكن السكرتيرة ذكرتني بكل ذلك عندما عادت من إجازتها القصيرة. هاتفتني في تمام الساعة التاسعة صباحا بعد عودتها إلى العمل مباشرة. اعتذرت لأنها لم تتمكن من الرد على هاتفها وإيميلها خلال إجازتها. أشارت إلى أنها دأبت عندما تحتفل بذكرى زواجها على الذهاب مع زوجها إلى منتجع يقضيان فيه ثلاثة أيام دون اصطحاب أي شريك قد يشغلهما عن بعضهما، سواء كان هاتفا أو كمبيوترا أو حتى كتابا. ظلا أوفياء لهذا الأسلوب منذ احتفالهما الأول بزواجها قبل 22 عاما حتى اللحظة.
أحببت حرص السكرتيرة على الاعتذار، وأحببت أكثر طريقة احتفالها بذكرى زواجها السنوية.
إننا في أحيان كثيرة نبحث عن هدايا نقدمها لأحبتنا، متناسين أن أثمن هدية نقدمها لهم هي الوقت الذي نقضيه معهم.
بعضنا يقضي أوقاتا مع من يحب لكنه في الحقيقة لا يقضيها معهم وإنما يقضي عليها. فرغم أنه في الجوار معهم إلا أنه في الواقع خارج الأسوار إثر الأجهزة الإلكترونية التي تجرفه بعيدا.
إن على الأزواج والأصدقاء التفكير في الاحتفال بمناسباتهم السعيدة دون استخدام أجهزتهم؛ ليشعروا الطرف الآخر بأهميته وليصرفوا الوقت مع بعضهم البعض وليس مع غيرهم.
أصبحنا نذهب لنزور بعضنا ولا نتذكر ما قلناه وما فعلنا وما أكلناه لأننا طوال وجودنا معهم انشغلنا عنهم بأجهزتنا أكثر من انشغالنا بهم ومعهم.
أصبحت اجتماعاتنا المعاصرة كالأيقونات التي نستعيرها في أجهزتنا، خالية من الأحاسيس والمشاعر.
انتقلت العدوى لأطفالنا. أصبحت حياتهم مكرسة للأجهزة اللوحية ما كبر منها وما صغر. أضحيتُ أعرف أغطية الأجهزة اللوحية لأقاربي أكثر من وجوههم، التي تختبئ خلف هذه الشاشات، يكبرون وينمون وهم خلفها.
علينا أن نعود إلى حياتنا وأن نمنح أحبتنا أحاسيسنا ومشاعرنا وإنصاتنا وابتساماتنا، وليس أجسادنا فقط.
أردد دائما، أن أثمن الساعات، ليست التي تعرض في (الفاترينات)، بل التي تجمعنا بمن نحب.
عن الاقتصاديه
المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها
اترك تعليقاً