«الجزيرة» – أحمد المغلوث:

ظاهرة معاشة.. البعض يعيشها منا شخصيًا فتجده يذهب للعمل متثاقلاً وكأنه يسحب أقدامه لا يمشي عليها تتكرر هذه الظاهرة بعد نهاية العطلة الأسبوعية وتتضاعف بعد إجازة العيد. نظرًا لطول فترة الإجازة أو العطلة المهم أن البعض لا يرحب في داخل نفسه بالعمل في هذا اليوم وكنت فيما مضى من زمن مديرًا لإحدى الإدارات الحكومية ولاحظت من خلال متابعتي لسجل الدوام أن هناك بعض الزملاء يتصلون بي مساء معتذرين بأنهم سوف يتأخرون عن الحضور نظرًا لوجودهم خارج المنطقة، بل إن بعضهم يشير بكل صراحة إلى أنه خارج الوطن وفاته تأكيد الحجز وبالتالي يحتاج ليومين للعودة. وهناك من يحمل مسؤولية الاعتذار على أم الأولاد التي تضطر أن تتصل مؤكدة أن زوجها مريض ولا يستطيع الحضور اليوم وممكن احتساب هذا اليوم من أيام إجازته الاضطرارية وهكذا عشرات الأعذار والتبريرات ربما يكون بعضها معقولاً ومبلوعًا وتضطر مكرهًا أخاك لا بطل لقبول اعتذار هذا وتسجيل غياب ذاك.. ولفت نظر ثالث.. لكن وبصورة عامة ظاهرة كراهية الموظف للعمل بعد الإجازة ظاهرة معاشة في مختلف دول العالم وعلى الأخص الدول العربية والآسيوية حيث تكثر المحسوبية والشللية ويقوم البعض بالتغطية عن زملائهم. وقبل سنوات التقيت بالصدفة بأحد مراقبي الدوام في أحد القطاعات الحكومية وكنا في رحلة للخارج ورحنا نقطع ساعات الطيران الطويلة بالأحاديث عن المواقف الطريفة التي واجهته في عمله فقال: كنت في جولة على إحدى الإدارات الحكومية في مدينة بعيدة عن المنطقة بعد إجازة عيد وعندما قمت بجولة داخل الفرع وجدت جميع المكاتب يجلس عليها الموظفون وعندما أشرت عليهم بتحية السلام رفع الجميع أياديهم من دون أن أسمع أحدهم قال: وعليك السلام.. وكالعادة سجلت محضرًا بانتظام العمل والموظفين.. وغادرت الإدارة.. وبعد مضى سنوات تقاعدت عن العمل والتقيت بمدير الفرع الذي هو أيضًا تقاعد عن عمله وفي إحدى المناسبات الاجتماعية ورحنا نتبادل الحديث وأبديت له ملاحظتي عن صمت موظفيه الذين لم يردوا تحية السلام إلا برفع أيدهم فقط وبصراحة عجبت لحظتها من هذا الفعل..؟! الغريب والمدهش.. ولولا ارتباطي بزيارة أكثر من إدارة في هذا اليوم لعدت مجددًا وسألتك عن السبب؟ فرد المدير السابق وهو يضحك.. جميعهم كانوا عمال النظافة والصيانة وقمنا بتدريبهم على لبس الثياب والغتر والعقل على أن يجلسوا صامتين ويحركون الأوراق ويحتسون الشاي ولكن من دن كلام.. وأضاف وهو يغطي فمه من شدة الضحك.. ماذا تريد أن أفعل علمت من علاقتي الخاصة بأن أحد مراقبي الدوام سوف يحضر للتفتيش وتفقد الإدارة وأنت تعرف أول يوم أو حتى أول أسبوع بعد الإجازة أو العطلة. ووجدت الحل في عمال الصيانة والنظافة وهم كما شاهدت قاموا بعملهم على خير قيام..؟! ومع هذا يحدق للكثير من الذين يسافرون خلال العطلة الأسبوعية أن يواجهوا بعض المتاعب بعد عودتهم فاختلاف التوقيت وعدم الاهتمام بتأكيد الحجز يساعد على إلغائه. وعلى الأخص في الدول الغربية حيث لا استثناءات ولا واسطة تسهم في الحصول على مقعد شاغر فكيف عندما تكون برفقة أسرة متعددة الأبناء والبنات.. ولا ننسى أن بعض الأحداث التي قد تقع فجأة وبصورة غير متوقعة تسهم في تأخير أو تغيير مواعيد الرحلات وكم منا واجه مثل هذه المواقف.. ويقول البرفيسور «ايلي ماكنسون» خبير في العمل لأحد المواقع العالمية إن فقدان الرضا عن العمل يساعد كثيرًا على كراهية العمل والعمل فيه بجدية واهتمام. فإذا أضفنا إلى ذلك عدم وجود الحوافز والتقدير يصيب الموظف أو العامل بالإحباط وحتى عدم الارتياح في عمله لذلك نجده لا يقبل على التوجه لعمله كمن يحب عمله ويخلص فيه.؟!