رواية ( الورده الذابلة ) الحلقه الـ13 

مازال سالم مندهشا مما يسمع . ونظر اليه طويلا وقال . معلوماتك ما تحتاج زيادة دراسة وتجعلك تترك ديرتك وأهلك وتسافر للعراق . الا قول لي بصراحة كيف عرفت هذه المعلومات .؟

ويبتسم سعود قائلا :

انا درست في الكتاتيب في الديره لكن  تعودت اجلس في مجلس الوالد ويتردد عليه بعض المشا ئخ والأعيان وبعضهم نصف متعلم وفي بعض الاحيان تدور احاديث تتضمن معلومات مفيدة جدا  . من هنا اكتسبت بعض المعارف وبت أعشق أن استزيد من المعرفه ودائما اسمع عن بغداد والدراسة فيها لذلك رغبت ان اسافر اليها . أمل ان تكون هذه الاجابة مقنعة لك  لمعرفة السبب وراء  الرغبة في السفر .. 

وصمت برهة حتى شعر بأن صاحبه سالم قد اقتنع بكلامه . وقال :

على فكره هل تتصور ان ( صرة ) ملابسي ومتعلقاتي  في امان لدي  صاحب ( الحمار ) . بمعنى هل أنت مطمئن من امانته . ربما اغرته ( الصرة ) وما قد تحتويه داخل طياتها  .فهرب بها خصوصا وأنا شخص غريب عن البلد  .؟

فقال سالم في استنكار :

صاحبنا( الحمار )  هذا عمله . وطول حياته يمارس نفس العمل في الفرضه وفي الاسواق وهو معروف لدي الجميع من تجار الفرضه والعاملين فيها حتى رجال الامن على علم به ومسجل اسمه وحتى عدد حميره وبغاله  وبيني وبينك . رجل يخاف الله .. ومن فجر الله وهو يمارس عمله ومنذ الصغر وورث عمله من والده الذي كان يمارس نفس العمل . كحمالي . وأضاف لا . لا. لا ينبغي أن تشك في أمانة رجل يحصل على لقمة عيشه من عرق جبينه .  لو أنه حرامي .. كان ما شاهدته  في الفرضه . وربما وجدته في اماكن تجيب فلوس مشكوك في طهارتها .. بس استغفر ربك . انت على وشك السفر وتتأمل من الله الخير و التوفيق ..أترك عنك الشك في أمانة الناس .. !

فضحك سعود قائلا : حيلك حيلك . يا سالم صاير محامي  . مجرد سؤال قلته . من باب ليطمئن قلبي .. انت تعرف المال عديل الروح صحيح ما في ( الصرة ) شيء ثمين بس فيها متعلقاتي الشخصية  وهي عندي أهم حتى من المال . المال يجي ويروح بس .. فيه اشياء لوفقدتها .. لا يمكن تعويضها ابد  ..؟! قال ذلك وهو يتحسس حزامه القماشي الذي ربطه على بطنه  ويحتوي على ماله ..ثم استطرد قائلا : أنتهى الموضوع دعنا الان لنتاول طعام الغداء ونتمشى في الاسواق ..  والله الحافظ .!

قال سالم : بارك الله فيك نعم الله الحافظ .!

كان الطريق في السوق مزدحما وصاخبا ورائحة السمك المشوي والمقلي  المنبعثة من المطاعم تفتح شهية الجائع على مصراعيها ..شعر سعود بشخص يقترب منه ويهمس بصوت خافت : الزين عندي كل ماتحب موجود. إذا حبيت انا انتظرك بعد الغداء . أحس بخوف ورهبه . من كلمات هذا الرجل الغريب  . كان رجلا نحيلا يرتدي ازارا مخططا وقميصا أبيض تم تلوينه بصباغ ازرق رديء . ويلف رأسه بغترة  مزدانة بورود متناثرة ومخاطة فيها بشكل دقيق …

ابتسم سالم وهو يتابع الحديث الهامس الذي جرى بين الرجل وسعود حتى بدأت التجاعيد واضحة على محياه .وقال  : يبدو ان باعة المتعه  يعرفون  زبائنهم .. ولمن يعرضون بضاعتهم  عليه ..؟!

فرد سعود بعدما ابتعد الرجل  ووقف غير بعيد  عنهما وراح يشغل نفسه كأنه يتفحص بعض انواع الحبوب   .على كيفك . أنت وما تعتقده ..

يتبع غدا