تم النشر في الأحد, 20 نوفمبر 2016 , 05:29 صباحًا .. في الأقسام : أهم الأخبار , الآراء والصور

نعمة السقوط

د. عبد الله المغلوث

عد أن طُرِد علي بن إبراهيم النعيمي (المولود عام 1935) من أول وظيفة في “أرامكو” لصغر سنه، عمل مع قريبه الذي يشتغل في المقاولات. وكان قريبه يرسله إلى السطح لتفقد التزام العمال، والتأكد من أنهم لا يهدرون الوقت أو ينامون خلال ساعات الدوام. وخلال تفقده العمال سقط من سطح المبنى الذي كان يصعده، لكنه نجا بأعجوبة؛ إذ خففت المراتب المفروشة على الأرض من حدة السقوط بعد لطف الله سبحانه وتعالى، فلم يصب حينها بأذى، فقرر قريبه بعد الحادثة أن يفصله من وظيفته حتى لا يصاب بمكروه ويقع تحت طائلة اللوم من أبيه.النعيمي لم ينج من الإصابة فحسب، بل نجا من وظيفة لا تليق بطموحه، فربما لو لم يسقط لما أصبح وزيرا للنفط.وفي عام 1974 اشتكى النعيمي وعدد من السعوديين إلى وزير النفط الأسبق، أحمد زكي يماني، إدارة أرامكو الأمريكية، وقتئذ، لعدم منحهم ترقيات بالسرعة الكافية، وفي هذه الأجواء المحبطة تمت ترقية النعيمي ليصبح مديرا لإنتاج المنطقة الشمالية، أي مسؤولا عن 11 حقلا للنفط من أصل 15 آنذاك، وكان ذلك أهم المناصب التشغيلية في الشركة،وبعد أن تقلد النعيمي عدة مناصب كبيرة في “أرامكو” لم يتقلدها مواطن سعودي قبله في الشركة، آخرها الرئيس التنفيذي، شعر في منتصف التسعينيات بأنه حان موعد الرحيل والتقاعد، لكن كان للملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، رأي آخر؛ إذ عينه وزيرا للبترول والثروة المعدنية ثقة بقدراته وكفاءته، وظل في هذا المنصب أكثر من عقدين من الزمن حقق فيها نجاحات لا تمحى.تجربة المهندس علي النعيمي، التي رواها في كتابه: “من البادية إلى عالم النفط”، تعكس حجم عصامية وكفاح ومثابرة هذا الرجل حتى أصبح أحد أهم الوزراء على مستوى العالم.بوسعنا جميعا أن نستلهم من هذه التجربة الاستثنائية التي كتبت بعرقه وتفانيه، وكان اللافت في هذه السيرة العطرة أنه كلما أحس النعيمي بمعاناة وخيم الظلام في صدره فرجها الله أمامه بنبأ لم يكن يحلم به أو يتوقعه.فكما قلت سابقا: تتأخر مكافأة المكافحين لكن حين تأتي، تأتي فاخرة.

 

المشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء مستعارة لاتمثل الرأي الرسمي لصحيفتنا ( المواطن اليوم ) بل تمثل وجهة نظر كاتبها

اترك تعليق على الخبر