ظل الخباز الفرنسي بنا قرابة العشرين عاماً لينهي التزاماته المالية لتسديد ديونه وقرض بيته الربوي ليتمكّن من القدوم لمكة المكرمة ليؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام «الحج».وجاهد كثيراً بنا والذي شارف على العقد السادس من عمره لإنهاء التزاماته المالية في فرنسا قبل المجيء للسعودية، ورغم أنه اسلم منذ عام 1995م، لكنه لم يتمكّن من أداء نسك الحج إلا هذا العام.بنا والذي حول أسمه إلى عبدالإله، كان يعمل خبازاً، ويملك صيتاً واسعاً في بلدته، يقول عن إسلامه، كانت تعمل لدي في المخبز امرأة من المغرب، وكانت في قمة الأخلاق والنزاهة والاحترام، وفي عام 1992 توفي زوجها، فعرضت عليها السكن هي وأطفالها عندي فرفضت كون الدين الإسلامي لا يسمح بذلك، فكانت تلك الحادثة سبب دخولي الإسلام، بعد أن تعرَّفت على هذا الدين السامي، وكان سبب دخولي الإسلام وزواجي من مسلمة بأن أبنائي من زوجتي السابقة قد قاطعوني وهجروني . ويضيف الحاج عبدالإله: نويت الحج أكثر غير مرة، ولكن كانت هناك بعض الظروف التي تمنعني من أتمام نُسك الحج في مقدمتها القروض الربوية، سعيت جاهداً لإنهاء تلك الالتزامات، ولقد تمكنت، ومنذ سنتين وأنا أوفر مبلغاً لي ولزوجتي للحج، حيث دفعنا ما يقارب من 67500 ريال سعودي للحج.ويكمل قصته: قدمنا للسعودية لأداء حجتي الأولى، وأنا في قمة الشوق لرؤية مكة والبيت الحرام وللمشاعر المقدسة، بدأت في أخذ العمرة، كان مشهد الطواف بالنسبة لي عالم مختلف، شاهدت كيف المسلمين يطوفون ويقبلون الحجر الأسود، لم أملك إلا الدموع بكيت كثيراً لهذا المشهد وعظمة هذا الدين وسواسيته للمسلمين جميع وفي المشاعر هنا، أُعجبت كثيراً بمشهد يوم عرفة وجبل الرحمة وكأن الناس هنا في جبل من الثلج.. بياض القلب واللبس، كل شخص مشغول بنفسه وبالدعاء وقراءة القرآن، في عرفة اجتمع المسلمون على كلمة سواء، لا أعرف منهم الغني أو الفقير أو المسؤول أو الكادح، هنا عظمة الدين الإسلامي، كنت أوثق تلك المشاعر وأداء نسكي وأرسل تلك الصور لأبنائي في فرنسا ولأبناء زوجتي، حتى أبنائي الذين هجروني وقاطعوني، دعوت لهم، لا يزالون أبنائي.وأستطرد، قبل أن أصل مكة تعرّفت كثيراً على الطريقة الصحيحة لأداء الركن الخامس، التقيت بالكثير من أصدقائي المسلمين واطلعت على النت، وأقمنا دورات تدريبية قصيرة ليكون تأديتنا للركن الخامس بالطريقة المثالية, أرجو الله أن يقبل من الحجاج حجهم.وختم حديثه مشيراً إلى أنه سيروي قصة حجه لأصدقائه في فرنسا، وللجهود الكبيرة التي تبذلها السعودية في خدمة الحجاج، وبالذات دور رجال الأمن المهني والإنساني، إلى جانب توفير السعودية لكل الخدمات لراحة وخدمة الحجاج./عبدالله الهاجري / تصوير – سليمان وهيب:الجزيره